الخميس 23 رجب 1446هـ - 23 يناير، 2025

  • الرئيسية
  • /
  • /
  • ما النموذج الجديد لعلاج مشكلات الاقتصاد التركي؟

ما النموذج الجديد لعلاج مشكلات الاقتصاد التركي؟

img

الأحد, 10 أبريل, 2022

تعرض الاقتصاد التركي بشكل عام للتراجع في وقت سابق من عام 2021م. وخسرت الليرة أكثر من 50% من قيمتها مقابل الدولار. بينما تجاوز معدل التضخم 21.3%. ورغم أن علاج تلك المشكلات وفق النموذج العالمي يتمثل في رفع سعر الفائدة. إلا أن تركيا اتخذت روشته مختلفة للعلاج. والسؤال هنا: ما النموذج الجديد لعلاج مشكلات الاقتصاد التركي؟

 

ما هو النموذج التركي الجديد؟

في الحقيقة اعتمدت تركيا على نموذج جديد لعلاج المشكلات الاقتصادية. يعتمد على خفض أسعار الفائدة الذي يعد نموذجاً اقتصادياً مستقلاً. بعيداً عن توصيات صندوق النقد الدولي. صحيح أنه نموذج يحقّق خسائر في المرحلة الأولى من العلاج. لكن الصبر معه ضروري لرؤية نتائج مبشّرة.

 

من جهة أخرى تتمتع تركيا بأحد أعلى معدلات الفائدة في العالم بنسبة 14%. وتقوم فرضية النموذج الجديد على أن سعر الفائدة يمكن أن يكون بسهولة أقل من التضخم الرسمي لإبقاء تضخم التكلفة منخفضاً. خاصةً أن الصناعة المصرفية في تركيا قوية. حيث تبلغ نسبة القروض المتعثرة 3.5% فقط.

 

لماذا ترى تركيا النموذج العالمي تجربة فاشلة؟

يرى النظام التركي أن النموذج العالمي الذي يركّز على رفع أسعار الفائدة يؤدي إلى حلقة مفرغة من انخفاض الصادرات. نتيجة ارتفاع تكلفة الاستثمار وانخفاض العمالة وارتفاع الواردات. ومن ثم تزايد الديون الخارجية. ما يلزم معه رفع أسعار الفائدة مرة أخرى.

 

نتيجةً لذلك تسجّل الدول التي تعتمد على هذا النموذج عجزاً مرتفعاً في الحساب الجاري. وتعتمد على تدفقات الأموال السريعة قصيرة الأجل (الأموال الساخنة) وزيادة الدّين الخارجي. وترى تركيا أن هذا النموذج نظراً لاعتماده على الخارج يمهّد الطريق لاحتلال اقتصادي. أو على الأقل تبعية اقتصادية.

 

ما مزايا النموذج الاقتصادي التركي؟

في الواقع النموذج التركي الجديد قائم على أسعار فائدة منخفضة. وهو ما يؤدي لزيادة الصادرات وتقليل الواردات. مما يؤدي لفائض في الحساب الجاري ونمو أعلى مع ارتفاع معدلات التوظيف. ويُعتقد أنها ستجعل الصادرات التركية أكثر قدرة على المنافسة مع انخفاض سعر الليرة.

 

تعمل تلك السياسة على تحفيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة بدلاً من تدفقات الأموال الساخنة قصيرة الأجل. ومع جهود الدولة لاستقرار التمويل الأجنبي. ستتحسن مؤشرات الاقتصاد التركي. ويتم تحصينه من الصدمات المالية الخارجية.

 

هل هناك مؤشرات لنجاح هذا النموذج؟

هناك مؤشرات تدعم النظرية التركية الجديدة. فمنذ أغسطس 2021م خفّض البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس من 19 إلى 14%. في المقابل قفزت الصادرات بنسبة 33% نوفمبر الماضي لتصل إلى 21.5 مليار دولار.

 

كما سجّل الحساب الجاري فائضاً قدره 3.16 مليار دولار أكتوبر الماضي. وانخفضت البطالة من 13.1 إلى 11.2% بذات الشهر. ونما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7% في الربع الثالث من عام 2021م. إلا أن التضخم في زيادة. مع توقعات بأن يصل إلى 26% بنهاية العام.

 

من المؤشرات الإيجابية أيضاً زيادة عدد تسجيلات الشركات الجديدة بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي. مع إغلاق عدد أقل من الشركات. كما أن نسبة الشيكات المتعثرة منخفضة تاريخياً. حيث بلغت 1% في أكتوبر الماضي.

 

من ناحية أخرى تراهن الحكومة أيضاً على ارتفاع عدد السياح الوافدين وزيادة الإنفاق السياحي اعتباراً من مارس فصاعداً. حيث ارتفع عدد السياح الوافدين بنسبة 143٪ في الربع الثالث من عام 2021م مقارنة بالعام الماضي. حيث وصل إلى 13.6 مليون سائح. وأنفق السائحون 11.3 مليار دولار في تركيا خلال نفس الفترة.

 

ما الانتقادات الموجهة لنموذج تركيا الجديد؟

يحذر الخبراء من أن انخفاض قيمة الليرة يضع عبئاً كبيراً على المواطن التركي. حيث ارتفعت أسعار الخبز بنسبة 25%. وقفزت أسعار الدقيق بنسبة 300% في عام. بينما شهدت أسعار المواد الأساسية الأخرى مثل الحليب ارتفاعاً بنسبة 47% بسبب زيادة التكاليف.

 

علاوة على ذلك تعتمد تركيا على مصادر أجنبية للغاز الطبيعي والنفط. بمعدل 99% و93% على التوالي. كما دفعت تركيا 41 مليار دولار لواردات الطاقة في عام 2019م. وفي العام الماضي ومع استمرار زيادة استهلاك تركيا شهدت أسعار النفط والغاز الطبيعي العالمية ارتفاعات تجاوزت 100٪.

 

في النهاية تبدو المشكلة الأكبر في الحرب الروسية الأوكرانية والآثار السلبية التي ألقتها على الاقتصاد التركي. والتي من المؤكد ستضرب جهود أنقرة في تحسين مؤشرات الاقتصاد في مقتل. وقد تقلب كل المؤشرات والتوقعات التركية بنجاح هذا النموذج عرض الحائط.




المنشورات ذات الصلة