السبت 21 شوال 1446هـ - 19 أبريل، 2025

ما أثر برامج التمكين الاقتصادي على الواقع الاجتماعي؟

img

الخميس, 2 سبتمبر, 2021

0

بصفة عامة تلعب برامج التمكين دوراً مهماً في اقتصاديات العديد من الدول في يومنا الحالي. حيث تعتمد هذه الدول على دعم برامج التمكين الاقتصادي وتوفير التمويل اللازم لها. لما لهذه البرامج من آثار إيجابية على الواقع الاقتصادي والاجتماعي قد تم تحقيقه في العديد من الدول على مر السنوات السابقة. والسؤال هنا: ما أثر برامج التمكين الاقتصادي على الواقع الاجتماعي؟

ما مفهوم برامج التمكين الاقتصادي؟

بصورة شاملة تسعى برامج التمكين الاقتصادي لتقديم المساعدات للفقراء للبدء بمشاريعهم الخاصة بدلاً من توفير الرعاية الاجتماعية الدائمة. كما قد تكون هذه البرامج حكومية أو مِن قِبل منظمات المجتمع المدني غير الربحية الداخلية والخارجية والأممية.

بسبب طول الحرب في سوريا بدأت برامج التمكين الاقتصادي تنشط في العديد من المناطق من أهمها الشمال السوري. بالطبع ضمن رؤية التعافي البكر. حيث قدمت العديد من الهيئات الدعم المادي لعدد من المشاريع الصغيرة. إلا أن نتائج هذه البرامج -وعلى الرغم من أهميتها- مازالت محدودة النتائج على الواقع الاقتصادي والاجتماعي السوري.

ما المقصود بالواقع الاجتماعي؟

في الحقيقة الواقع الاجتماعي هو الوضع الاجتماعي القائم في بلد ما والمتأثر بكافة الظروف الأمنية والعسكرية والاقتصادية. من جهة أخرى يُنظر للواقع الاجتماعي على أنه حالة المؤشرات الاجتماعية لمواطني دولة ما خلال فترات زمنية مختلفة.

بصفة عامة يتألف الواقع الاجتماعي من عدة أبعاد أساسية. وهي: البعد البيئي والجغرافي والبعد البشري والبعد الحضاري والبعد الثقافي والبعد التفاعلي التنظيمي. من جهة أخرى تُقاس الآثار الاقتصادية على الواقع الاجتماعي من خلال مجموعة من المؤشرات مثل: البطالة والفقر والفوارق الاجتماعية. وهي التي تبيّن درجة تحقيق السياسة الاقتصادية المتبعة لأهدافها الاجتماعية.

كيف تنعكس برامج التمكين الاقتصادي على الواقع الاجتماعي؟

في الحقيقة تكمن أهم أهداف برامج التمكين الاقتصادي في إيجاد فرص العمل في بلد ما. ولعل التجربة الهندية في توفير 17 مليون فرصة عمل عن طريق برامج التمكين ودعم المشاريع الصغيرة خير دليل. وفي سوريا لم تحقّق برامج التمكين هدفها بعدُ. وعلى الرغم من أهميتها مازالت أعداد الحاصلين على فرص عمل مقارنة معدلات البطالة المرتفعة 90% محدودة. فكلما زادت فرص العمل أدّت للحصول على استقرار مالي لدى العديد من العائلات ومنه إلى استقرار اجتماعي.

وفي الوقت نفسه تساعد برامج التمكين الاقتصادي في تخفيض نِسَب الفقر. من خلال إيجاد فرص العمل للعديد من العائلات ولهذا الأثر أهمية كبيرة. حيث يؤدي الفقر إلى سوء التغذية وعدم القدرة على العناية الصحية والتشرد والتسول.. إلخ. وفي هذا المجال وثقت الأمم المتحدة إصابة 34% من أطفال شمال سوريا بحالات التقزم بسبب سوء التغذية الناتج عن الفقر المدقع. وهنا تكمن أهمية برامج التمكين في توفير دخل للعائلات يساعدها في مواجهة الفقر وتبعاته الصحية والاجتماعية.

في الواقع تساعد برامج التمكين الاقتصادي على الحد من الفوارق الاجتماعية. حيث أدت الأزمة الراهنة لزيادة الفوارق الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء. بالإضافة إلى غياب الطبقة الوسطى التي هي أساس المجتمعات في العديد من الدول. وفي هذا المجال تسعى الهند في عام 2030 عن طريق تكثيف برامج التمكين الاقتصادي والتمويل الصغير وغيرها من السياسات الاقتصادي لرفع نسبة الطبقى الوسطة في البلاد لتصل إلى 75%. وهنا تكمن أهمية التمكين الاقتصادي في إعادة بناء الطبقة الوسطى في سوريا في المستقبل القريب.

كيف أثرت الحرب على ديمغرافية المجتمع السوري؟

من جهة أخرى ترافقت الحرب في سوريا مع تغيرات أكثر خطورة على مستوى ديمغرافية المجتمع السوري. حيث زادت الكثافة السكانية في أغلب المدن. وترافق ذلك مع من تدهور العلاقات الاجتماعية وتفكك الكثير من الأسر. بسبب ضعف الإمكانات المادية. وقد شكَّل هذا بيئة خصبة لتفاقم المشكلات الأسرية وزيادة حالات الطلاق وزيادة نسبة التسرب التعليمي وتفشي الجرائم والقتل والسرقة والاغتصاب. وفي هذا المجال أكد المجلس الإفريقي الاجتماعي أن برامج التمكين الاقتصادي قد ساهمت بانخفاض نِسَب الجرائم والقتل والسرقة والاغتصاب في العديد من المناطق التي شملتها برامج التمكين الاقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك فقد أثبتت التجربة الماليزية تميزاً بين الدول الناجحة في مجال برامج التمكين وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة. حيث شكّلت أكثر من 90% من إجمالي المشروعات الصناعية الماليزية. وقد تميزت هذه التجربة بنتائج اقتصادية مهمة. حيث انخفضت نِسَب البطالة بشكل كبير لتصل لـ 5.33% في نهاية عام 2018. وترافق ذلك مع تطور العديد من المؤشرات الاجتماعية المرتبطة بالصحة والتعليم. ومِن ثَم انخفضت معدلات الجريمة وتحسنت الفوارق الطبقية بشكل ملحوظ.

وعلى الرغم من أهمية برامج التمكين الاقتصادي في سوريا إلا أن التحديات كبيرة جداً في ظل أصعب أزمة إنسانية عالمية. ورغم تحقيق العديد من النتائج الإيجابية إلا أن أثر هذه النتائج على الواقع الاجتماعي ما تزال محدودة.

في النهاية أثبتت العديد من التجارب العالمية وجود آثار إيجابية لبرامج التمكين الاقتصادي على الواقع الاجتماعي. حيث ساعدت فرص العمل والحد من الفقر في تحقيق نتائج اجتماعية جيدة. من هنا لا بد من تفعيل برامج التمكين الاقتصادي والعمل على تأمين التمويل اللازم لها وتنظيمها. لأنها ستحقق آثاراً مهمة في تحسين الواقع الاجتماعي للمواطن السوري.




المنشورات ذات الصلة