الأربعاء 22 رجب 1446هـ - 22 يناير، 2025

ما أهمية التعليم والتدريب المهني في سوريا؟

img

الجمعة, 3 يونيو, 2022

عانى الشمال السوري من ويلات الحرب أكثر من غيرها من مناطق سوريا. خاصةً مع احتلال داعش المنطقة. حيث كانت الرقة العاصمة المزعومة للتنظيم. ما أدى لمقتل وإصابة المئات. وتدمير وإتلاف البنية التحتية. ونزوح ما يقرب من مليون شخص يعيشون بظروف مزرية مع نقص الغذاء والمياه والمساعدات الطبية. والسؤال هنا: ما أهمية التعليم والتدريب المهني في سوريا؟

لماذا تشتد الحاجة إلى التعليم والتدريب المهني؟

من هنا كان التعليم والتدريب المهني في سوريا ضرورةً لا مفر منها لإعادة تأهيل المنطقة. وإعمارها بشكل صحيح. بدلاً من اعتمادها على مساعدات إنسانية قد تتوقف في مثل الظروف التي يعيشها العالم حالياً. وأجواء الحرب الروسية الأوكرانية وأزمات نقص الغذاء والطاقة.

بحسب تقارير محلية فإن حجم المساعدات الكلية لمناطق الشمال السوري بلغ 587.141 طناً. 70% منها مساعدات غذائية بواقع 415.989 طناً. فيما بلغت كمية مستلزمات النظافة والمواد الصحية 1.45% بواقع 8.514 طناً. وبلغت المساعدات الطبية 12.506 أطنان. والمساعدات اللوجستية غير الغذائية 150 ألف طن.

إذاً لا بد من تدريب وإعادة تأهيل مهني يناسب حاجات سوق العمل. ويساعد في إعادة إعمار المنطقة. خاصةً أن حجم القوى العاملة المؤهل للتدريب يقترب من مليون شخص. ويعول ما يقرب من 1.6 مليون شخص من النساء والأطفال. مع ارتفاع البطالة إلى نحو 80% في محافظة إدلب عام 2021.

ما أبرز مخرجات معاهد التدريب؟

خلال الثلاثة أعوام السابقة ساعدت معاهد التدريب المهني مئات اللاجئين الذين فروا من القتال في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في العثور على عملٍ. خاصةً المجموعات الضعيفة من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والأرامل والأيتام.

تتلقى بعض معاهد ومنظمات التدريب دعماً مالياً من منظمات غربية وأوروبية غير حكومية. خاصةً تلك المعاهد والمنظمات القريبة من الحدود التركية وتقع خارج سيطرة الحكومة السورية. حيث يتقدم لها آلاف المرشحين للحصول على دورات المعهد. ويتم قبول المئات فقط.

تقدم معاهد التدريب شهادات في 12 تخصصاً للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و30 عاماً. الذين لم يتمكنوا من إكمال دراستهم في أجزاء أخرى من سوريا. كما وفرت فرص عمل لأكثر من 40% من الحاصلين على تلك الدورات في وظائف بتخصصاتهم. بينما أنشأ آخرون أعمالهم التجارية الخاصة.

يتم التدريب المهني خلال فترة تتراوح بين 3-6 شهور. ويحصل الخريجون على شهادة موثقة. وتتضمن المهن التي يتم التدريب عليها التركيبات الكهربائية والصحية وصيانة الأجهزة الكهربائية. إضافةً إلى صيانة وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية وصنع الحلويات والمعجنات وتصفيف الشعر للرجال والنساء والخياطة.

يتم اختيار مجالات التأهيل المهني في تلك المعاهد بعد دراسة احتياجات التجمعات السكانية في شمال سوريا. سواء كانوا من سكان المدينة أم نازحين. حيث يتم تصميم مناهج للطلاب ليتلاءموا مع الدورات الأخرى. وبما يتناسب مع مستوياتهم التعليمية المختلفة.

ما أبرز التحديات التي تعاني منها معاهد التدريب المهني؟

تعاني معاهد التدريب المهني في الشمال السوري من عدد من التحديات. أبرزها عدم وجود ما يكفي من المعاهد لاستيعاب كل من يريد التعلم ويعيش على المساعدات. بالإضافة إلى قلة الآلات والمواد الأولية للمتدربين في منازلهم. علاوةً على صعوبة دمج الطلاب لأنهم يأتون من خلفيات مختلفة في سوريا.

تأتي أهمية تطوير مراكز التدريب المهني في الشمال السوري من تضرر شريحة واسعة من الأطفال السوريين. خاصةً الذين تتراوح أعمارهم بين عام و 14 عاماً. وهم يمثلون 37٪ من السكان من حقهم في التعليم العادي. وهو ما يفرض ضرورة وجوب بديل يتمثل في برامج التدريب المهني.

تقول الإحصائيات الخاصة بتلك الشريحة: إن هناك أكثر من 639 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و 18 عاماً في شمال سوريا. وأكثر من مليون مراهق تتراوح أعمارهم بين 6 و 18 عاماً. يعيشون بمناطق شمال وجنوب إدلب وغرب حلب وعفرين وريف حلب وحماة. وأكثر من نصفهم غير مسجلين في أي مدرسة.

من بين هذا العدد يعمل أكثر من 75٪. ويوفر ما يقرب من نصف هؤلاء الأطفال مصدر دخل مشترك أو وحيداً. كما أنهم يعملون لإعالة أسرهم من خلال كسب مبالغ مالية صغيرة. وقد يتعرضون للمضايقات. ويتم استغلالهم في العمالة الرخيصة. ويتم تجنيدهم للانضمام إلى الجماعات المسلحة؛ وفقاً لتقرير أممي.

من خلال الأرقام السابقة يتضح أهمية التدريب المهني لضمان فرص عمل للشباب الذين حرموا من فرص التعليم. ويحتاجون لمهارات العمل الأساسية من خلال مؤسسات تعليمية غير رسمية قادرة على استيعاب الطلاب من مختلف الأعمار. وتراعي ذوي الإعاقة الذين يشكلون نسبة لا بأس بها من شباب الشمال السوري.

في مصافي كربلاء بالعراق لتصفية النفط سعت أغلب الشركات الأجنبية إلى تشغيل 50% من اليد العاملة العراقية. وهو ما اضطرت معه الشركات الأجنبية لإنشاء دورات سريعة لمدة 6 شهور لتعليم اللحامين العراقيين نوعاً معيناً من اللحام تستخدمه تلك الشركات.

الخلاصة أن التعليم المهني يعد أساس الصناعة. ولذا استطاعت ألمانيا وتركيا تحقيق نهضة كبيرة بالصناعة رغم وجود أكثر من ١٠٠ ألف اختصاصي مهني سوري بهما. وهو ما يشير لحاجة الشمال السوري الذي يعاني من ويلات الحروب وتدمير البنية التحتية ومستويات عالية من التسرب التعليمي لتطوير هذا القطاع.




المنشورات ذات الصلة