الأربعاء 18 شوال 1446هـ - 16 أبريل، 2025

ما مفهوم الكساد؟ وما مؤشراته وطرق علاجه؟

img

الإثنين, 23 مايو, 2022

يعد الكساد الاقتصادي من المصطلحات الشائعة في علم الاقتصاد. ويعد من الأزمات التي تصيب الدول وقد تصيب الاقتصاد العالمي. ويرتبط الكساد بآثار اقتصادية واجتماعية حادة كما قد يكون له انعكاسات سياسية. فما مفهوم الكساد؟ وما مؤشراته وطرق علاجه؟

 

ما مفهوم الكساد؟

يُقصد بالكساد حالة اقتصادية سلبية تترافق بتراجع حاد في مختلف المؤشرات الاقتصادية. كتراجع الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض مستوى الدخل وارتفاع معدل البطالة وتراجع الإنفاق العام. ويستمر بين عدة أشهر وقد يصل لسنوات طويلة. ويتطلب علاجه سياسات مالية طويلة الأجل.

يرتبط الكساد بعدة مصطلحات تتقاطع معه بشكل أو بآخر كالركود والانكماش. فالكساد والركود والانكماش يشيرون لذات المفهوم تقريباً مع اختلاف في الحدة. فالأسوأ الكساد ويليه الركود فالانكماش. فالأول يشير إلى انهيار حاد في الناتج المحلي الإجمالي وتراجع كبير في مستوى الدخول وفقدان جزء كبير من العمالة لوظائفها. وقد يستمر لسنوات طويلة أو لعقود.

أما الركود فيشير لتراجع أقل حدة. وقد يستمر لأكثر من ربعين متتالين. وعادة لا تتجاوز مدته عدة سنوات. بينما الانكماش يشير لتراجع بسيط في المؤشرات الاقتصادية. وعلى الرغم من بساطته إلا أنه قد يكون مقدمة لركود أو كساد. والحلول في هذه المرحلة قد تكون سهلة مقارنة بالمراحل الأخرى.

لتوضيح الفرق بين الكساد والركود يقول “جيمي كارتر” الرئيس الأمريكي الأسبق: “الركود عندما يخسر جارك وظيفته. أما الكساد فعندما تخسر أنت وظيفتك!”.

 

يبدأ الكساد من المستهلكين الذين تنخفض دخولهم. فينخفض إنفاقهم. فتتراجع مبيعات محال بيع التجزئة. فتنخفض مشترياتها من تجار الجملة. والذين بدورهم يخفضون طلباتهم من المصانع. التي يتراجع إنتاجها بسبب انخفاض الطلب. فتنخفض أرباحها فتضطر لتسريح عدد من العمال لتقليل النفقات. وقد يصل الأمر إلى مرحلة الشلل الاقتصادي التام.

 

ما أسباب الكساد؟

للكساد أسباب عديدة. منها ارتفاع أسعار الفائدة. فارتفاع سعر الفائدة يؤدي لتقليل السيولة في السوق وبالتالي انخفاض الطلب الكلي. كما تؤدي لزيادة تكاليف الإنتاج نتيجة ارتفاع تكاليف التمويل. ومن أسبابه أيضاً سوء الإدارة المالية والمصرفية. والتي قد تؤدي إلى إفلاس بعض البنوك. وبالتالي ارتفاع تكاليف تمويل العملية الإنتاجية.

من أسباب الكساد أيضاً الحروب والنزاعات التي من شأنها تعطيل الدورة الاقتصادية. إضافة لأسباب فرعية أخرى كهجرة رؤوس الأموال وهجرة الأيدي العاملة. وهي ليست مسببة للكساد ولكنها داعمة له.

 

ما أهم النماذج التاريخية للكساد؟

تم تسجيل عدة حالات كساد في القرنين السابقين. ففي القرن التاسع عشر وتحديداً عام 1837م تم تسجيل أول حالة كساد في الولايات المتحدة الأمريكية. وشهدت تراجعاً حاداً في مستويات الدخل. وسببها الرئيس فقاعة عقارات وإفلاس عدد من البنوك التي عجزت عن سداد التزاماتها بالذهب والفضة.

الكساد الطويل حدث عام 1873– 1896م. ويعد أحد الأسباب غير المباشرة لاعتماد الولايات المتحدة وبريطانيا قاعدة الذهب. وشهد انهيار غالبية أسواق المال الكبرى. واستمر أكثر من عقدين. وكان يسمى سابقاً بالكساد العظيم. وألغيت هذه التسمية واستبدلت بالكساد الطويل بعد أزمة عام 1929م.

الكساد العظيم 1929م أسوأ أزمة اقتصادية عرفتها البشرية. بدأ بالولايات المتحدة الأمريكية من خلال انهيار بورصة وول ستريت. وانتشر لاحقاً إلى غالبية دول العالم. تسبب في ارتفاع البطالة في القطاع الصناعي إلى 46%. وفي عموم القطاعات إلى 35%. وانهارت العديد من العملات. وتسببت هذه الأزمة في تغيير جوهري في بعض مفاهيم علم الاقتصاد.

تعد أزمة الكساد العظيم السبب المباشر لظهور النظرية الكينزية في الاقتصاد لصاحبها جون مينارد كينز. والذي نقض مبادئ الكلاسيكية الاقتصادية. وانتقد قانون “اليد الخفية في الاقتصاد”. وأيد تدخل الحكومة في الشأن الاقتصادي.

 

تعد الأزمة المالية عام 2008م إحدى حالات الكساد الحادة التي أصابت الاقتصاد العالمي في هذا القرن. والتي سميت بأزمة الرهن العقاري. كما أن جائحة كورونا والإغلاق الاقتصادي الذي تلاها سبّبا ركوداً في الاقتصاد العالمي كاد أن يتحول لأزمة كساد.

وهنا أصبح السؤال المهم: هل العالم يواجه شبح الكساد مجدداً؟. أم أن البنوك المركزية والحكومات تعلمت الدروس السابقة جيداً وبدأت في تدارك الأمر قبل وقوعه؟. ولعل في الأيام القادمة نجد إجابات واضحة على هذه الأسئلة وغيرها.




المنشورات ذات الصلة