الخميس 23 رجب 1446هـ - 23 يناير، 2025

ما واقع برامج التمكين الاقتصادي للمرأة في الشمال السوري؟

img

السبت, 5 مارس, 2022

1

تشكل المرأة أحد العناصر الرئيسية في الجهود الرامية إلى تحقيق التحولات الاقتصادية والاجتماعية اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة في الداخل السوري. ولذلك يساعد تمكينها اقتصادياً في تحقيق الرفاه لها ولأسرتها وللمجتمع ككل. وعلى الرغم من تعدد برامج تمكين المرأة في الشمال السوري. إلا أنها ما زالت تعاني من العديد من الصعوبات التي يجب العمل على تذليلها لضمان تمثيل المرأة بالشكل الأنسب في المستقبل. والسؤال هنا: ما واقع برامج التمكين الاقتصادي للمرأة في الشمال السوري؟

ما مفهوم التمكين الاقتصادي للمرأة؟

يقصد بالتمكين الاقتصادي تعبئة الجهود لمساعدة الفقراء اقتصادياً. بدلاً من توفير الرعاية الاجتماعية والإنفاق عليهم. من خلال توفير الدعم المالي والتدريب وتقديم الاستشارات. كما ينظر للتمكين الاقتصادي كعملية تفاعلية بين المستفيدين والجهات المانحة لتحقيق اهادف تنموية مستقبلية.

إن التمكين الاقتصادي للمرأة عملية تستطيع من خلالها المرأة الانتقال من مكانة اقتصادية دنيا في المجتمع إلى موقع قوة اقتصادية أعلى. وذلك من خلالها زيادة مشاركتها بالعمل وامتلاكها لمشاريعها الخاصة. إضافة إلى زيادة نسبة مشاركتها في المناصب القيادية السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

هذا وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أنه لا يشارك سوى 20% من النساء في القوى العاملة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتُمثَّل المرأة تمثيلاً زائداً في المهن ذات الأجور المتدنية. بينما يوجد عدد قليل جداً من النساء في المناصب العليا. ولذلك سعت وكالات الأمم المتحدة المعنية بالعمل لضمان سبل عيش أفضل للمرأة وحقوقها في سياق التنمية المستدامة منذ عام 2014.

ما أبرز برامج التمكين الاقتصادي للمرأة في الشمال السوري؟

تعددت برامج التمكين الاقتصادي في الشمال السوري. وتنوعت الجهات المانحة والممولة والمدربة للمواطنين السوريين. ومن أهم الجهات التي ساهمت في دعم التمكين الاقتصادي على سبيل المثال لا الحصر. منظمة شفق (مولت 200 مشروع للرجال والنساء في مجالات مختلفة منها الخياطة والمونة والتجارة والحلاقة وبيع الألبسة). وصندوق الحياة التابع لمنظمة الرحمة الكويتية الذي قام بتقديم تمويل صغير لـ1430 سوري وسورية لتمكين العائلات. وقد تجاوز عدد المستفيدين 7710 أشخاص من السوريين والسوريات.

في الحقيقة تنوعت المشاريع المهتمة بتمكين المرأة في الشمال السوري. من خلال التمويل وتقديم الاستشارات والتدريب على محو الأمية وقيادة الحاسوب والمهن الحرفية ودورات إسعاف أولي.. إلخ. من جهة أخرى بينت بيانات منسقي استجابة في الشمال السوري أن نسبة النساء العاملات في الشمال السوري تصل 15% من إجمالي العمالة في الشمال السوري. وقد ارتفعت نسبة النساء العاملات في مجالات مختلفة من أهمها الصحة والخياطة والزراعة والبيع والتعليم .. إلخ.

أشارت بيانات منظمة “مواطنون من أجل سوريا” إلى أن ما يزيد عن 25% من المنظمات العاملة تستهدف النساء كفئة “مستضعفة” بالمجتمع. وبالتالي فإن أغلب العاملين فيها هم من النساء. ومن الأمثلة المهمة في هذا المجال فريق الدفاع المدني النسائي في إدلب. بالإضافة لجمعية نساء سوريا في ريف حلب وجمعية ريحانة الشام التي ركزت في عملها على الناحية التعليمية ومحو الأمية لدى النساء.

ما أبرز الصعوبات التي تواجه تمكين المرأة في الشمال السوري؟

يعود السبب الرئيسي وراء انخفاض معدلات المشاركة النسائية في القوى العاملة في المنطقة إلى مجموعة كبيرة من الصعوبات المترابطة. من أهمها انعدام الأمن وقلة فرص العمل والنقص في الخبرات وكثرة مسؤوليات المرأة. بحسب مركز عمران للدراسات الاستراتيجية عام 2019.

من ناحية أخرى يشكل انتشار الفصائل المسلحة في بعض الأحيان عائقاً كبيراً أمام عمل المرأة وتحررها الاقتصادي. إضافة إلى الثقافة المجتمعية والعادات والتقاليد التي لا تتقبّل وجود المرأة كعنصر فعّال كما الرجل تماماً في معظم مدن سوريا. بالإضافة إلى وجود فجوة كبيرة في الأجور بين المرأة والرجل بحيث لا تُعامَل المرأة بشكل مساوٍ مع الرجل. ويضاف لها صعوبات أخرى تتعلق بالتنقل ليلاً والتحرش وارتفاع تكاليف رعاية الأطفال.. إلخ.

لعبت المرأة دوراً محورياً في نهضة المجتمعات القديمة والحديثة. وأثبتت من خلال هذا الدور قدرتها على التغيير الإيجابي في تلك المجتمعات. إن التغيير الايجابي الذي تسعى له المجتمعات مرهون بشكل كبير بواقع المرأة ومدى تمكنها من القيام بأدوارها في المجتمع. من خلال تمكينها الاقتصادي والاجتماعي. كما يتطلّب دور المرأة في المجتمع الحديث ثقةً بالنفس وتوفر الطموح. بالإضافة إلى الرغبة الكامنة في العمل والإنجاز والإبداع.

في النهاية يشكّل التمكين الاقتصادي للمرأة إحدى الركائز الأساسية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة. وحتى يتم تفعيل دور المرأة لا بد من العمل على تمكينها اقتصادياً. من خلال توفير التدرب اللازم والتمويل المناسب للقيام بمشاريعها. وتبقى عملية التمكين مسؤولية على الجهات الحكومية من جهة. إضافة إلى المنظمات الدولية من جهة أخرى. وترتبط بزيادة الوعي المجتمعي لدور المرأة الاقتصادي في ظل الحاجة لتكافل كافة الجهود لإعادة إعمار ما هدم خلال أكثر من 10 سنوات.




المنشورات ذات الصلة