الخميس 23 رجب 1446هـ - 23 يناير، 2025

لماذا تغزو المطاعم السورية العالم؟

img

الأربعاء, 2 مارس, 2022

10

اللاجئون السوريون مثلهم مثل أي لاجئ أجنبي يمكن أن يعتبرهم البعض عالة أو عبئاً على المجتمع الذي يستضيفهم. لكن في الواقع أثبت اللاجئ السوري بما لا يدع مجالاً للشك أنه قادر على خدمة نفسه ومجتمعه ومحيطه المحلي. بل ونشر ثقافته بأبسط الطرق مثل الملابس والطعام والتقاليد الشعبية وغيرها من ملامح الثقافة السورية. والسؤال هنا: لماذا تغزو المطاعم السورية العالم؟

هل المطاعم السورية من الثقافة الشعبية؟

المطاعم السورية أحد مظاهر الثقافة السورية الشعبية. وقد استطاع اللاجئون السوريون حول العالم وضعها على الخريطة الاقتصادية في دول اللجوء بشكل مميز. حيث باتت المطاعم السورية بمختلف مستوياتها في دول اللجوء بمثابة (علامات تجارية) يقصدها السائحون وسكان الدولة نفسها لتناول الطعام.

ولاقى توجُّه اللاجئين نحو المطاعم رغبة قوية من الدول المستضيفة نفسها في تطوير قطاع المطاعم. حيث إن لهذا القطاع الكثير من الأهمية في إطار دفع العجلة الاقتصادية والاستثمارات المحليّة.

ما أهمية الاستثمار في المطاعم بالنسبة للدول؟

يشكل قطاع المطاعم في العديد من الدول فرصاً استثمارية متنوعة ودائمة. فالعمل في المطاعم مستمر. ولا يتوقف في مواسم أو يزدهر في مواسم أخرى. علاوة على أن الطلب على المطاعم يتصف بالاستقرار في أغلب الأحيان. باستثناء فترات بسيطة كالتي نعيشها اليوم من أزمات وأوبئة صحية.

فضلاً عن ذلك يدعم قطاع المطاعم أحد أهم مصادر دخل العملة الصعبة وهي السياحة بشكل مباشر. حتى إن بعض المطاعم العالمية أصبحت مقصداً سياحياً بحد ذاتها في العديد من البلدان ويقصدها السياح.

علاوة على ذلك يساهم قطاع المطاعم في توفير الكثير من فرص العمل بشكل كبير. فعلى الرغم من عدم حاجة المطعم لأيدٍ عاملة كثيرة. إلا أن كثرة المطاعم في حد ذاتها يساهم في تأمين فرص عمل متنوعة مثل الكاشير والطاهي ومقدم الطعام. علاوة على مقدمي الخدمات الأخرى مثل توصيل الطلبات وغيرها.

كما أن المطاعم تساهم بشكل كبير في إضافة أموال طائلة إلى خزينة الدولة. من خلال تطبيق ما يُعرف باسم ضريبة القيمة المضافة على الفاتورة بشكل مباشر. بالإضافة إلى ضريبة الدخل.. إلخ.

ما أهمية المطعم السوري في دول اللجوء؟

الإجابة عن هذا السؤال يمكن الحصول عليها من الهند. حيث تواجه الدولة مشكلة كبيرة في إمكانية جذب المزيد من السياح وهي عدم توفر خدمات إطعام كافية في البلاد. أو بالأحرى عدم وجود مطاعم قادرة على جذب السياح.

فعلى الرغم من كثرة المطاعم في العاصمة الهندية نيو دلهي وغيرها من المدن السياحية الهندية. إلا أن أغلبها يُقدّم الوجبات المحلية التي يصعب على العديد من السياح تناولها. والأمر لا يقتصر على الهند فقط. بل الأمر سائد في العديد من الدول الآسيوية مثل الصين واليابان غيرهم. والذين يقدمون نوعية طعام لا تُرضي في الغالب أذواق السائحين من الشرق الأوسط أو دول المتوسط أو الدول الأوروبية والأميركيتين. وفي بعض الأحيان تؤثر تلك المشكلة على قرار السائح في تحديد المقصد السياحي.

وهو ما يعني أن المطاعم السورية في بلاد اللجوء تطرح خياراً آخر للسائح الذي يرفض تناول الطعام المحلي. ويرغب في تجربة طعم ونكهة أخرى مميزة عن الدولة التي يزورها.

لماذا يفضل السوريون الاستثمار في المطاعم؟

يتميز الاستثمار في المطاعم بمجموعة من الخصائص التي تُميزه عن غيره من الاستثمارات الأخرى. وتجعل اللاجئ السوري بما يمتلكه من قدرات وخصائص مميزاً في الاستثمار في هذا المجال.

الاستثمار في المطاعم يحتاج إلى عدد من الأيدي العاملة. وهو ما يتوافر في العائلات السورية التي تأتي إلى مصر في جماعات. وأغلبهم من الشباب الذي يستطيعون العمل على أفضل وجه. كما تحتاج المطاعم وتقديم الوجبات إلى نوع من اللباقة واللياقة في التعامل وهو ما يميز السوريين بشكل عام.

النقطة الأهم في هذا النوع من الاستثمار هي اعتماده في الأساس على أصول ثابتة ولمدة طويلة من 20 سنة إلى 25 سنة. مما يترتب عليها ضرورة الاستقرار والتوطين في تلك الفترة. وهو أساس ما يحتاجه السوري اللاجئ. والذي يستمد من خلال عمله واستمراره في الدولة شرعية بقائه بها لمدة أطول.

علاوة على ذلك فإن العائد من الاستثمار في المطاعم سريع مقارنة بالاستثمارات الأخرى. حيث يبدأ العائد بشكل مُباشر بعد الافتتاح مباشرة. ويتعاظم خلال فترات زمنية قصيرة. خاصة مع التنوع في الخدمات والمنتجات التي يقدّمها المطعم السوري مقارنةً بالمطاعم الأخرى. سواء من حيث نوعية ونكهة الطعام نفسه. أو من حيث خدمات الضيافة والديكورات التي قد تنقلت إلى أجواء دمشق الخلابة.

بالإضافة إلى ذلك فالاستثمارات في المطاعم لا تحتاج إلى عناصر مُعقدة كالتكنولوجيا. بل تعتمد بشكل كبير على العنصر البشري. وهو ما يُسهل على المستثمر السوري كثيراً. فهو بذلك لا يحتاج إلى رأسمال كبير في كثير من الأحيان. مُقارنةً بالمشاريع الأخرى مثل الفنادق أو مدن الألعاب والتسلية.

ما أبرز المطاعم السورية في دول اللجوء؟

يُعد وجود اللاجئين السوريين في تركيا ومصر هو الحضور الأبرز على مستوى الدول المستضيفة. حيث تتعدد المناطق التي تنتشر بها تجمعات المطاعم السورية للاجئين في الخارج. وأثبتت هذه الاستثمارات نجاحها وتفوقها على المطاعم المحلية في العديد من الأحيان.

فعلى سبيل المثال في دولة مثل تركيا. نجد أن منطقة باشاك شهير تشتهر بكونها أكبر نقطة جذب للمستثمر السوري. خاصة إذا علمنا أن 60% من سكانها عرب.

كما توجد في تلك المنطقة العديد من الخدمات. بما في ذلك المدارس والمطاعم التي تقدم أشهى المأكولات العربية. وهو ما جعل السوريين يتمكنون من إيجاد موضع قدم لهم بجوار المطاعم التركية القديمة.

وفي مصر لا يختلف الوضع كثيرًا. ففي مدينة 6 أكتوبر بضواحي محافظة الجيزة. يوجد شارع يُطلق عليه المصريون شارع السوريين. وكان هذا الشارع خالياً من أي مظاهر تجارية. ولكنه تحول إلى حي مكتظ بالزوار والزبائن. سواء من السوريين أو من المصريين الذين يرغبون بتجربة الطعام السوري والمنتجات السورية التي تملأ المكان.

في المطاعم السورية الموجودة بهذا الشارع يحاول التجار السوريين أن ينقلوا تجربتهم في بلادهم بكل تفاصيلها إلى محلاتهم التي قاموا بفتحها. ويظهر هذا من أسماء المحلات التي تلقي بالكثير من الضوء على أهل الشام وتقاليدهم. أو الأكلات السورية الشهيرة التي يقدمها المطاعم. أو حتى الوجبات التي يتم تقديمها على الطريقة السورية بالتوابل والبهارات الشهيرة.

بل إن طريقة العرض والترويج للمطاعم سورية خالصة. بمعنى آخر بمجرد دخولك تلك المنطقة وزيارتك لأحد تلك المطاعم يمكن أن تعتبر نفسك كأنك قمت بزيارة إحدى المناطق السورية الشهيرة.




المنشورات ذات الصلة