الخميس 23 رجب 1446هـ - 23 يناير، 2025

كيف استفاد قطاع السياحة في دول الشتات من اللاجئين السوريين؟

img

الأربعاء, 2 مارس, 2022

6

كان لدخول العديد من السوريين كلاجئين إلى عدد من دول العالم. سواء في منطقة الشرق الأوسط أو أوروبا. الكثير من التبعات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وكان أبرز تلك التبعات التأثير الإيجابي الذي حدث على قطاع السياحة في تلك الدول. والسؤال هنا: كيف استفاد قطاع السياحة في دول الشتات من اللاجئين السوريين؟

ما تأثير الثقافة السورية في الجذب السياحي؟

ساهم السوريون في مزيد من الجذب السياحي في المناطق التي يقيمون بها. على سبيل المثال أصبح السائح لا يأتي إلى مصر للاستمتاع بالحضارة الفرعونية أو التقاليد المصرية العريقة فقط. بل ظهر سبب آخر لقدومه وتفضيله لمصر على دول أخرى. وهو وجود ثقافة وخلفية حضارية جديدة بدأت تظهر في شوارع القاهرة. والمتمثلة في اللاجئين السوريين. والذين يظهرون في المطاعم والحانات والمقاهي بشكل لافت للنظر. خاصة في المناطق التي تشهد جذباً سياحياً.

بل حتى في مجال السياحة الداخلية. بات المواطن المصري -على سبيل المثال- الراغب في الترفيه والاستمتاع بالسياحة والتنزه في بلاده. يقف أمام خيار جديد طرحه وجود اللاجئين السوريين في البلاد. وهو الاستمتاع بالمطاعم والوجبات السورية.

من جهة أخرى نجد أن الدول نفسها سواء المُستضيفة للاجئين أو غيرها تسعى لتقديم الكثير من التسهيلات للاستثمار في قطاع السياحة. نظراً لما له من أهمية اقتصادية مرتفعة. وهو ما منح اللاجئين السوريين الفرصة للدخول في هذا المجال. حيث يظهر ذلك بشكل واضح في حصة المطاعم السورية بالعديد من الدول التي لجأ إليها السوريون على رأسها تركيا ومصر.

كيف توزعت استثمارات اللاجئين السوريين في بلاد اللجوء؟

في الحقيقة تجذب تركيا أكثر استثمارات اللاجئين السوريين من حيث القيمة المالية. والتي تجاوزت 3.5 مليار دولار حتى عام 2020. وهو ما يعني أن تلك الاستثمارات وصلت إلى 14% من الاستثمارات الأجنبية بشكل عام في تركيا.

بحسب العديد من المصادر التركية فإن السوريين يشكلون 86% من رجال الأعمال الاجانب. وتشكل استثمارات السوريين في قطاع السياحة وبالتحديد في مجال المطاعم السورية ما نسبته 10% من إجمالي الاستثمارات في تركيا. أي بحدود 350 مليون دولار أمريكي. وتتركز أغلب الاستثمارات السياحية للاجئين السوريين في ولاية إسطنبول.

ما حجم استثمارات اللاجئين السوريين في الاقتصاد المصري؟

من ناحية أخرى استطاعت الحكومة المصرية جذب العديد من رجال الأعمال السوريين خلال فترة الأزمة السورية. والتي بدأت منذ اندلاع شرارة الثورة في سوريا في عام 2011م حتى الآن. وبحسب بيانات الأمم المتحدة فإن الاستثمارات السورية في مصر حتى عام 2020 تُقدر بحدود 23 مليار دولار. معظمها دخل مصر بعد الأزمة السورية.

قام السوريون بتأسيس أكثر من 1061 شركة وفقاً لقانون الاستثمار المصري خلال تلك الفترة. بينها ما نسبته 13% استثمارات دخلت في مجال السياحة وبالتحديد في مجال المطاعم. من إجمالي الاستثمارات السورية في مصر.

وفي الأردن لا يختلف الوضع كثيرًا. حيث تؤكد بيانات غرفة التجارة في المملكة الأردنية أن عدد الشركات التي أسّسها اللاجئون السوريون في المملكة تجاوز الـ 4100 شركة في نهاية عام 2019. برأس مال تجاوز أكثر من 310 ملايين دولار أمريكي.

هذا وقد تنوعت استثمارات اللاجئين السوريين في المملكة الأردنية بعدة مجالات. أهمها السياحة. وبالتحديد في قطاع المأكولات والمطاعم حيث وصل حجم الاستثمار خلال العام الماضي إلى 30 مليون دينار . علاوة على الاستثمار في عدد من الصناعات الحرفية وصناعة الأثاث. وكذلك الاستثمار في التقنيات المتعلقة بنظم إدارة الشركات وتكنولوجيا المعلومات.. إلخ.

نتيجة لذلك يتضح مدى استفادة قطاع السياحة في الدول التي يلجأ إليها السوريون. مع تزايد رؤوس الأموال التي يتم ضخها في هذا القطاع. علاوة على الخيارات التي يطرحها السوريون على عملاء هذا القطاع.

ولكن ما يلفت النظر في هذا السياق هو التركيز على قطاع المطاعم كأحد القطاعات الرائجة لدى اللاجئ السوري. خاصةً الذي يستثمر أمواله في قطاع السياحة. حيث نجد شبه اتفاق بين اللاجئين السوريين على الانخراط في هذا القطاع.

أقبل اللاجئون السوريون على الاستثمار في قطاع المطاعم بسبب ازدياد الطلب على المطاعم في الأسواق المحلية والشعبية بشكل عام. وتزايد الطلب على خدمات المطاعم خلال فترة المواسم السياحية صيفًا وشتاءً. وانخفاض رأس المال المطلوب للبدء في الاستثمار. وذلك بخلاف النكهات المميزة للمطاعم السورية عن غيرها من المطاعم. ولذلك يقبل عليها السائحون من مختلف الجنسيات.

ما أهمية قطاع المطاعم في الاستثمارات المحلية؟

شهد قطاع المطاعم حول العالم نشاطاً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة. حيث يستقطب هذا المجال العديد من الاستثمارات العالمية والمحلية. سواء كانت تلك الاستثمارات من المواطنين أو الوافدين. خاصة من فئة الشباب التي تسعى دائماً لدخول عالم التجارة والأعمال من خلال المشاريع الجديدة.

وبشكل خاص فإن أهمية قطاع المطاعم في مجال السياحة كبيرة. فهو جزءٌ مهم من العرض السياحي الذي تقدمه الدولة. فتذكر بيانات منظمة السياحة العالمية أن الإنفاق على الطعام يأتي دائمًا في المرتبة الثانية عالمياً بعد الإنفاق على الإقامة في الفنادق بالنسبة للسياح.

علاوة على ذلك وبخلاف السياحة فإن المطاعم تشكل حاجة يومية أساسية لا يمكن الاستغناء عنها. خاصةً في الدول التي يعمل مواطنوها لساعات طويلة يومياً. ويتناولون وجبات الغداء خلال استراحات في العمل. بالإضافة إلى ذلك هناك زيادة واضحة في الطلب على مطاعم الوجبات السريعة عالمياً. بحسب ما ورد في المجلة الالكترونية لمنظمة السياحة العالمية إصدار عام (2019م).

من جهة أخرى فإن لقطاع المطاعم في الاستثمارات بشكل عام أهمية كبيرة. حيث إن المطاعم تتضمن في الغالب المشاريع الصغيرة جداً والمتناهية الصغر والصغيرة. وهي مشروعات تسعى العديد من الدول النامية إلى تنفيذها لدفع عجلة الإنتاج والاقتصاد. زيادةً على تحسين مستوى الدخول للفئات المتوسطة والأقل من متوسطة.

وهذا التنوع في حجم المشروع يفتح مجالاً كبيراً وخيارات متعددة للمستثمرين الصغار والمتوسطين والكبار للدخول في هذا القطاع. بداية من المستثمرين الذين يحصلون على توكيلات للمطاعم العالمية. ونهايةً بصغار المستثمرين الذين يقدّمون وجباتهم البسيطة في الشارع. علاوة على المطاعم المتنقلة التي تقدم خدماتها في مناطق مُختلفة. وهو ما يعود ويخدم السياحة الموسمية في بعض الفترات.

في النهاية إن قطاع السياحة والمطاعم على وجه التحديد في العديد من الدول المُستضيفة استفاد كثيرًا من اللاجئين السوريين. سواء على مستوى رأس المال الذي تمّ ضخّه أو العمالة التي تعمل بهذا المجال. أو على المستوى الاقتصادي للدولة. مما يسهم في تحسين جودة حياة المواطن ومؤشّرات الاقتصاد العمومية.




المنشورات ذات الصلة