الخميس 23 رجب 1446هـ - 23 يناير، 2025

ما واقع برامج التمكين الاقتصادي في سوريا بين النظرية والتطبيق؟

img

الأربعاء, 2 مارس, 2022

3

تعددت المنظمات الإغاثية حول العالم. وزاد دورها في تقديم العديد من المساعدات للمواطنين في العديد من الدول. وبشكل خاص تلك التي تعاني من الصراعات الداخلية والحروب. كما ركزت في السنوات الأخيرة على برامج التمكين الاقتصادي بهدف تحسين الواقع المعيشي للمواطنين. وحتى اليوم تبقى الفجوة كبيرة بين ما خُطِّط له من أهداف نظرية ليرامج التمكين في المنظمات وبين ما طُبِّق على أرض الواقع في العديد من الدول لعدة أسباب. والسؤال هنا: ما واقع برامج التمكين الاقتصادي في سوريا بين النظرية والتطبيق؟

ما دور المنظمات الإغاثية في التمكين الاقتصادي؟

كثيراً ما تقوم بعض المنظمات الإغاثية بدعم برامج التمكين الاقتصادي ومساعدة العديد من المواطنين في دول مختلفة. عن طريق قيامها بتوفير فرص عمل. أو دعم مشاريع خاصة عن طريق تقديم التمويل والتدريب والاستشارة للمواطنين. وهنا يتجاوز عمل المنظمات الإغاثية تقديم المساعدات الإنسانية والغذائية ليركّز على مفهوم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

في الواقع غالباً ما تضع المنظمات الإغاثية أهدافاً كبرى تسعى لتحقيقها. إلا أن التنفيذ في أغلب الأحيان لا يكون مرضياً. فلو أخذنا على سبيل المثال إعلان الأمم المتحدة للهدف الخامس للتنمية المستدامة المتعلق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات. وبالمقارنة بين ما أُعلن نظرياً وما جرى تطبيقه في هذا المجال نصل إلى نتيجة أكدتها الأمم المتحدة في عام 2020. مفادها أن النتائج المحقّقة من تمكين المرأة ما تزال غير مرضية. على الرغم من أهمية التجربة في بعض الدول.

ومن جانب آخر لم تحقّق برامج التمكين الاقتصادي في العديد من الدول الأهداف المعلنة عنها. وبلغت نسب التطبيق في العديد من الدول مثل باكستان 32% من الأهداف المعلنة. وأفغانستان 20%. ومن جهة أخرى يُعد هدف منظمة “صلتك” القطرية بتأمين 5 ملايين فرصة عمل خلال 5 سنوات هدفاً صعب التطبيق في ظل الظروف الحالية للاقتصاد العالمي وانتشار كورونا.

بالتعاون مع منظمة جايكا اليابانية عام 2019م. تشير دراسات لمنظمة الأمم المتحدة إلى أنه يوجد ضعف في عمليات التدريب المهني والاستشارات الاختصاصية. وذلك في العديد من الدول التي تسعى لتطبيق برامج التمكين الاقتصادي في دول آسيا وإفريقيا. وبالتالي كانت النتائج غير ملائمة للأهداف المعلنة. حيث لم يكتسب المتدربون المهارات المطلوبة. ولم يكن المدربون على درجة عالية من الاحترافية.

كما أكدت دراسة لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو). في تقييمها لمشروع تعزيز عملية تمكين المرأة للتنمية الصناعية الشاملة والمستدامة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وجود صعوبات تطبيقية كبيرة للمشروع تتعلق بإمكانية التمويل والتدريب اللازم وتقديم الاستشارات الحقيقية المكلفة جداً لإنجاح العديد من المشاريع. وبالتالي كانت النتائج أقل من التوقعات.

ما جدوى مشاريع التمكين الاقتصادي في الداخل السوري؟

أما فيما يتعلق بالداخل السوري فتكمن الوظيفة الأساسية للمنظمات الإغاثية في توزيع المساعدات الغذائية. خصوصاً في ظل انتشار معدلات فقر كبيرة تصل لـ 90%. كما قدمت الأمم المتحدة وحدها في المجال الإنساني المساعدة إلى 2.4 مليون سوري كل شهر خلال عام 2020م. بما في ذلك الغذاء. لـ1.7 مليون شخص. إضافة لتقديم خدمات السكن لـ2.1 مليون نازح عام 2021م. في حين تساعد منظمة الصحة العالمية وشركاؤها أكثر من 800 ألف شخص في شمال سوريا كل شهر.

في الحقيقة يمكن النظر بإيجابية لتجارب العديد من المنظمات الإغاثية. ومن أهمها منظمة الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ومنظمة شفق وصندوق الحياة الكويتي. خاصةً في تمويل برامج التمكين الاقتصادي والمشاريع الصغيرة. إلا أن هذه الأعمال رغم أهميتها لم تحقق نتائج مؤثرة في خفض معدلات البطالة والفقر المرتفعة جداً في الداخل السوري.

من جهة أخرى ركّزت العديد من برامج التمكين الاقتصادي على التدريب وإكساب مهارة عمل للمتدربين للدخول لسوق العمل. وبصفة عامة تكثر المنظمات والجهات التي تعمل على تدريب كلا الجنسين في الداخل السوري. ومن الأمثلة على ذلك جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية ومنظمة بنفسج ومراكز تمكين المرأة.. إلخ.

على الرغم من هذه الجهود وانتشار برامج التدريب. إلا أنها لم تحقق الغاية المرجوة منها. بسبب عدم توفر محترفين ذوي خبرة كبيرة في التدريب. مما يؤثر على مستوى خريجي هذه الدورات أو على الاستشارات المقدمة. إضافة إلى عدم ارتباط التدريب في العديد من الحالات بتأمين فرص العمل. مما يشكل عدم تحفيز للعديد من الأفراد في اتباع الدورات التدريبية.

على الرغم من تجارب ومشروعات التمكين الاقتصادي ونتائجها الجيدة في كثير من الدول وتركيز الأمم المتحدة عليها في عملية التنمية المستدامة. إلا أن النتائج المحقّقة على مستوى العالم لم تكن ضمن الطموحات من جهة. ومن جانب آخر تعد تجربة التمكين الاقتصادي في الداخل السوري من التجارب المهمة. إلا أن نتائجها ما تزال غير مرضية. ولا بد من دراسة أسبابها وتحليلها. والعمل على حل صعوباتها واعتمادها كخيار رئيس في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.




المنشورات ذات الصلة