الخميس 23 رجب 1446هـ - 23 يناير، 2025

ما حجم التضخم والبطالة في الداخل السوري؟

img

الإثنين, 28 فبراير, 2022

1

في الحقيقة لقد أثّرت الحرب السورية بشكل كبير على المواطنين السوريين. وتأثر مستوى المعيشة سلباً عاماً بعد عام. وأصبح تأمين فرصة عمل حقيقية حلماً للعديد من الشباب في ظل ارتفاع مخيف لنسب البطالة. وقد زاد ارتفاع مستوى التضخم من معاناة المواطنين في الشمال السوري بشكل كبير. والسؤال هنا: ما حجم التضخم والبطالة في الداخل السوري؟

ما مفهوم التضخم والبطالة؟

بصفة عامة التضخم هو الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار في اقتصاد دولة ما. والمستوى العام للأسعار هو متوسط أسعار السلع والخدمات المستهلكة في الاقتصاد خلال سنة معينة. بينما البطالة هي نسبة عدد الأفراد العاطلين عن العمل إلى إجمالي الأفراد في سن العمل في بلد ما. وتشير العديد من التجارب الدولية إلى وجود أثر للتضخم المتمثل بارتفاع المستوى العام للأسعار في ارتفاع مستوى البطالة.

ما حجم البطالة وآثارها في الداخل السوري؟

يشير تقرير الأمم المتحدة في شباط 2021م إلى أن حوالي 60% من السكان السوريين أي 12.4 مليون شخص بحاجة لمساعدات دائمة. وهم لا يحصلون على ما يكفي من الغذاء. كما أن 4.5 مليون مواطن إضافي أصبحوا ضمن فئة المحتاجين. ويعود ذلك لسببين اقتصاديين رئيسيين. أولهما مستوى البطالة المرتفع وارتفاع مستوى التضخم. والسبب الآخر الانهيار في قيمة الليرة السورية وتدني الليرة التركية خلال الفترة السابقة.

لقد أدّى النزوح وزيادة الكثافة السكانية في الداخل السوري وعدم الاستقرار في ارتفاع معدل البطالة خلال السنوات السابقة لتصل إلى 89%. كما اتصفت أغلب الأعمال بأنها مؤقتة وغير منتظمة. وأصبح حلم الحصول على وظيفة أُمنية صعبة المنال للعديد من السكان. مما ساهم في زيادة معاناة المواطنين وارتفاع نسب الفقر بينهم.

ومن جانب آخر ساهم الوضع الاقتصادي المتدهور وعدم توفر فرص العمل بتوجه العديد من الشباب نحو الهروب ومحاولة الهجرة للخارج. إضافة إلى الانضمام إلى الفصائل المسلحة في الشمال السوري. أو قبول العمل كمرتزقة والذهاب للقتال في ليبيا وأذربيجان بسبب المغريات المادية.

وفي نفس الوقت أثرت نِسَب البطالة المرتفعة على ثقافة العمل في الداخل السوري. حيث انتشرت ظاهرة الاتكالية والاعتماد على المساعدات الاغاثية من جهة. علاوةً على انتشار ظاهرة عمالة الأطفال التي باتت تهدد مستقبل جيل بأكمله.

كيف ساهم ارتفاع مستوى البطالة والوضع الأمني في التأثير على قِيَم بعض المواطنين؟

لقد ساهم ارتفاع مستوى البطالة والوضع الأمني في التأثير على قِيَم العديد من المواطنين ودفعهم للعمل غير المشروع كالتهريب وتجارة العملة. وفي بعض الأحيان الخطف والسلب والاحتيال والابتزاز بهدف الحصول على مورد مالي أو تحقيق ثروة بسرعة كبيرة.

وعلى الرغم من أهمية تجربة التعافي المبكر وبرامج التمكين الاقتصادي وتعدد الهيئات والجهات المانحة والممولة. إلا أنه ما تزال النتائج المحقّقة في مجال التوظيف محدودة جداً. فالتحديات كبيرة جداً والواقع سيئ ومخيف والحاجة كبيرة وملحة وتفوق قدرة أي منظمة أو جهة. ولذلك أصبحت مهمة دولية لمساعدة المواطنين في الشمال لتجاوز وضعهم المعيشي الصعب.

بالإضافة إلى ذلك يُنظر للعمل من جانبين مهمين. فبالنسبة للجانب الاقتصادي يُوصف العمل اللائق بالعمل المُنتِج الذي يدرّ دخلًا كافياً. ومن الجانب الاجتماعي يُوصف العمل بأنه أهم الوسائل التي تساهم في بناء المجتمع وتحقيق العدالة بين المواطنين. ومن هنا نستنتج أنه يترتب عن ارتفاع نِسَب البطالة في الداخل السوري آثار سلبية اقتصادية واجتماعية كبيرة.

ما أهم آثار التضخم على المواطنين الداخل السوري؟

في الواقع يعد التضخم من أهم الآثار السلبية الناتجة عن الحرب السورية. فخلال عشر سنوات تراجعت قيمة العملة السورية لأكثر من 65 مرة. وقد ترافق ذلك مع ارتفاع بأسعار المواد الأساسية بشكل كبير. وهذا ما أثّر على الواقع المعيشي للمواطنين بشكل مخيف خلال سنوات الحرب.

وعلى الرغم من استبدال الليرة السورية بالليرة التركية في الشمال السوري عام 2019. إلا أن الأزمة الاقتصادية التركية وانخفاض قيمة عملتها قد أثرت بشكل مباشر على ارتفاع أسعار المواد في الشمال السوري. حيث أصبح أيّ انخفاض يلحق بالليرة التركية عاملًا أساسياً في ارتفاع غير مسبوق في أسعار هذه المواد.

بصفة عامة لقد أثّر ارتفاع مستوى الأسعار على مستوى حياة المواطنين في الشمال السوري. وزاد من معاناتهم كثيراً في ظل ارتفاع معدلات البطالة ومستوى الفقر. حيث بات تأمين الغذاء حُلمًا للعديد من العائلات.

ومن جهة أخرى أدى التضخم لانخفاض الطلب على العديد من السلع والخدمات في الشمال السوري. مما أثر على العديد من المهن والمشاريع التجارية والاستثمارية. وقد ترافق مع ارتفاع تكاليف الإنتاج مما دفع العديد من الجهات لتقليل العمالة أو التوقف عن العمل. مما زاد من معاناة السكان في الشمال السوري.

في النهاية تبقى مشكلتا التضخم والبطالة من المشاكل صعبة الحل في الوقت القريب لتعدد الجهات الداخلية والخارجية المؤثرة في الداخل السوري. ويقع حل هذه المعضلات على عاتق المجتمع الدولي في الضغط للوصول لحل سياسي عادل وإنهاء الصراع وعودة المُهجّرين بضمانات. مع البدء بعملية إعادة الإعمار التي ستساهم في توفير مئات الآلاف من فرص العمل. وتسهم في إعادة الإنتاج وبالتالي استقرار سعر الصرف.




المنشورات ذات الصلة