الخميس 23 رجب 1446هـ - 23 يناير، 2025

ما أثر فوضى السلاح على الاستثمار في الداخل السوري؟

img

الإثنين, 28 فبراير, 2022

3

يُعدّ عامل الأمان أحد أهم عوامل جذب الاستثمارات إلى بلد ما. وعادة ما تغادر الاستثمارات ويصعب جذبها في البلدان التي تنشأ بها حروب وأزمات وتصبح بها لغة السلاح والقتل هي العليا. وفي ظل انتشار السلاح بدون تنظيم في الداخل السوري أصبحت هذه الظاهرة تتصف بالفوضى العارمة التي لها الكثير من السلبيات. والتي من أهمها التأثير على الاستثمارات المحلية والخارجية إلى الداخل السوري. والسؤال هنا: ما أثر فوضى السلاح على الاستثمار في الداخل السوري؟

مفهوم فوضى السلاح في الداخل السوري؟

في الحقيقة تعددت الفصائل المسلحة في الداخل السوري خلال السنوات العشر من الأزمة. واختلفت خرائط السيطرة عدة مرات. كما اختفت تنظيمات وتعاظمت أخرى وتلاشت أخرى. وكان العنوان الدائم للفصائل الصراع على السلطة وزيادة مناطق النفوذ مما ولّد فوضى كبيرة في انتشار السلاح في الداخل السوري. هذه الفوضى كان لها آثار كبيرة على الجانب الاجتماعي والانساني والاقتصادي.

في الواقع فوضى السلاح تعني انتشار غير منظّم للسلاح في بلد ما أو منطقة جغرافية دون رقابة أو تنظيم. مما يولد آثاراً سلبية على كافة مناحي الحياة.

وفي الوقت نفسه تؤكد التجارب الدولية على صعوبة جذب الاستثمارات وتحقيق إصلاحات اقتصادية وإدارية في الدول التي تعاني من فوضى السلاح. فعادة ما ينتشر السلاح بين فصائل وقوى سياسية مختلفة كل منها يسيطر على حيز جغرافي. إضافة إلى سهولة الحصول عليه مِن قِبَل كافة المواطنين. والأمثلة كثيرة في هذا المجال منها العراق ولبنان وسوريا بمناطق سيطرتها الثلاث… إلخ.

كيف تؤثر فوضى السلاح على الاستثمار في الداخل السوري؟

تؤكد تقارير البنك الدولي على أهمية توفر بيئة الاستثمار في أي منطقة لجذب رؤوس الأموال. وفي ظل صعوبة التمويل الداخلي للاستثمارات تتّجه أغلب الدول النامية إلى جذب الاستثمار الأجنبي. والذي يعد عامل الأمان من أهم شروط جذب الاستثمارات الخارجية. ولذلك تؤثر فوضى السلاح وحالة الانفلات الأمني على إمكانية جذب الاستثمارات إلى الداخل السوري.

من جهة أخرى بات امتلاك السلاح في الداخل السوري من الأمور السهلة للجميع. فمن جهة تعمل التنظيمات المختلفة على تسليح عناصرها. ومن جهة أخرى تنتشر عمليات بيع السلاح بين كافة المواطنين. وفي هذا المجال تشير البيانات إلى وجود أكثر من 100 محل لتجارة الأسلحة المختلفة في محافظة إدلب فقط. وعادةً لا تخضع هذا المحالّ لقيود أو ضوابط.

كيف أثر فوضى السلاح وانتشار أنواعه المختلفة على النواحي الاجتماعية للمواطنين؟

بالطبع أثّرت فوضى السلاح وانتشار أنواعه المختلفة على النواحي الاجتماعية للمواطنين. ففي ظل الضغوط المعيشية تكررت حوادث استخدام السلاح في العديد من النزاعات والخلافات العادية بين المواطنين. وأدت في كثير من الأحيان لإصابات وقتلى. وهذا ما أثّر على صورة المنطقة. فبات انتشار السلاح يرعب العديد من المواطنين في الحياة اليومية فكيف بالنسبة للمستثمرين؟

وفي نفس الوقت كان لفوضى السلاح آثار كارثية. فتفجير عام 2018 لمستودع ذخيرة في مدينة سرمدة أدى لقتل أكثر من 60 مدنياً وإصابة العشرات بجروح مختلفة. إضافة إلى انتشار ظاهرة السلاح بأيدي الشباب صغار السن والذي نتج عنها العديد من النتائج السلبية.

تعد فوضى السلاح وتعدد مناطق السيطرة وتبعيتها في الداخل السوري أحد أهم العوامل المؤثرة في جذب الاستثمارات السورية من دول اللجوء. حيث تشير بيانات الأمم المتحدة ودول اللجوء المحيطة -تركيا ولبنان ومصر- على وجود استثمارات سورية تجاوزت 26 مليار دولار في تلك الدول (3.5 مليار في تركيا. 23 مليار في مصر. 310 ملايين دولار في الأردن).

من ناجية أخرى ساهم انتشار السلاح بالداخل السوري في زيادة العديد من الظواهر السلبية. فارتفعت نسبة الابتزاز والإتاوات على الحواجز. إضافة إلى زيادة عمليات الخطف وطلب دفع الفدية. وهذا يشكل سبباً مهماً يخيف رؤوس الأموال في دول اللجوء ويحجبها من العودة والاستثمار في الداخل السوري.

كيف يمكن الحد من انتشار السلاح في الداخل السوري؟

نتيجة لسوء ظاهرة انتشار السلاح وآثارها السلبية قررت حكومة الإنقاذ إغلاق جميع متاجر الأسلحة وتفريغها من محتوياتها في عموم محافظة إدلب. وأعطت مهلة حتى 15-2-2021 حتى يتم تنفيذ الأمر. إلا أنه للأسف ما زالت تجارة الأسلحة ومتاجر الأسلحة تمارس عملها حتى هذه اللحظة.

في النهاية حتى يتم جذب الاستثمارات الخارجية وتوطين رؤوس الأموال الداخلية لا بد من توفير حد مقبول من مناخ الاستثمار في الداخل السوري. ومن أهمها عامل الأمان. فعادةً ما يُوصف رأس المال بأنه جبان. ومع انتشار فوضى السلاح تبقى عملية جذب الاستثمارات للداخل السوري من الأمور الصعبة جداً. وهنا لا بد من معالجة هذه الظاهرة من خلال إغلاق كافة المتاجر وضبط سوق السلاح السوداء.




المنشورات ذات الصلة