الخميس 23 رجب 1446هـ - 23 يناير، 2025

ما إمكانية الاستثمار بالثروة الحيوانية في سوريا في الظروف الراهنة؟

img

الأحد, 27 فبراير, 2022

3

بصفة عامة يشكل القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني أحد أهم القطاعات الاقتصادية في سوريا. بسبب مساهمته الكبيرة في الناتج المحلي الإجمالي من جهة. إضافةً إلى فرص العمل التي يوفّرها من جهة أخرى. لكن من الواضح أن الظروف الراهنة قد أثرت على القطاع الزراعي بشكل كبير. حيث تضرر القسم الحيواني بشكل أكبر من القسم النباتي. والسؤال هنا: ما إمكانية الاستثمار بالثروة الحيوانية في سوريا في الظروف الراهنة؟

ما أهمية الثروة الحيوانية في سوريا؟

في الحقيقة عرفت سوريا الزراعة منذ أقدم العصور. واشتهرت بجودة المنتجات الزراعية والحيوانية. وكانت الزراعة من أهم الأنشطة الإنتاجية لفترات زمنية طويلة. وقد ساعد انتشار الأنهار والبحيرات في توطين الزراعة وتربية الثروات الحيوانية في سوريا عبر التاريخ.

زاد الاهتمام بالاستثمار في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني بعد عام 1980م. عندما تم تبنّي سياسة الاكتفاء الذاتي نتيجة العقوبات المفروضة على سوريا. التي كان لها آثار إيجابية في زيادة الاستثمار في الثروات النباتية والحيوانية في سوريا. حيث احتلت سوريا المراكز الأولى في تربية الأغنام والأبقار والدواجن في الوطن العربي قبل الأزمة الراهنة.

من جهة أخرى فقد أدت الحرب الراهنة لتراجع ترتيب سوريا في الثروة الحيوانية وتدمير العديد من الاستثمارات. حيث تشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلى أن سوريا قد خسرت ما يقارب من 50% من ثروتها الحيوانية. وعلى الرغم من ذلك فقد احتلت المرتبة الخامسة بين الدول العربية في تربية الأغنام عام 2016م بواقع 11 مليون رأس غنم. والثامن في تربية الأبقار بواقع 1.2 مليون. والسابع عشر في تربية الدجاج.

كما أدت الظروف الراهنة إلى ظهور العديد من الصعوبات التي تواجه الاستثمار في قطاع الثروة الحيوانية. من أهمها خروج 60% من مراكز الأعلاف وتدميرها وتراجع حركة الرعي الطبيعي. بالإضافة إلى انتشار الأمراض ونفوق أعداد كبيرة من الثروة الحيوانية وارتفاع أسعار الأعلاف وعدم توفرها. علاوةً على الصعوبات التسويقية وارتفاع تكاليف النقل والإتاوات. زيادةً على التصدير العشوائي وانتشار ظاهرة تهريب المواشي لدول الجوار. إضافة إلى ارتفاع أسعار المنتجات وانخفاض الطلب المحلي عليها من جهة وصعوبة تصديرها من جهة أخرى.

ما مستقبل الاستثمار في الثروة الحيوانية السورية؟

في الحقيقة ساهمت الاستثمارات في قطاع الزراعة بشقيه الحيواني والنباتي بشكل إيجابي في الاقتصاد السوري. حيث قُدرت مساهمة القطاع الزراعي قبل الأزمة الراهنة 20-30% من الناتج المحلي الإجمالي. إضافة إلى مساهمته بتأمين فرص عمل مباشرة وغير مباشرة تراوحت بين 17-35%. كما يحتل القطاع الزراعي المرتبة الثانية بعد النفط من حيث الإيرادات التصديرية في ميزان الصادرات السورية.

أشار تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلى أن قطاع الثروة الحيوانية يساهم بنسبة تصل إلى 40% من القطاع الزراعي. كما قُدرت قيمة الإنتاج بقطاع الثروة الحيوانية 3.17 مليار دولار حسب المنظمة عام 2012. وهنا تكمن الأهمية في الاستثمار في الثروة الحيوانية بالنسبة للاقتصاد السوري.

بصفة عامة يعتمد الكثير من الأهالي في مناطق الداخل السوري على القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني لتحصيل مواردهم الاقتصادية. وما يُضاف إليها من بعض الصناعات الصغيرة التي تعتمد على المحاصيل الزراعية والحيوانية. كما أثرت خسارة المساحات الزراعية على تربية المواشي في المنطقة. فبعد المعارك وموجات النزوح انتقلت تربية المواشي من المناطق التي تعرضت للقصف إلى المناطق الأكثر أمنًا. وبالتالي تجمعت في مناطق ومراعٍ أضيق.

على الرغم من الصعوبات العديدة التي تواجه الاستثمار في الثروة الحيوانية. إلا أن هذا القطاع يشكل فرصة استثمارية مهمة للداخل السوري بشكل خاص. ويتطلب تشجيع الاستثمار به مجموعة من المعطيات تبدأ بتأمين التمويل اللازم عن طريق برامج التمكين الاقتصادي والتمويل الصغير. بالإضافة إلى تقديم التسهيلات العديدة للمربين الحاليين وتسهيل تصدير منتجاتهم الفائضة عن حاجة السوق المحلي.

في نفس الوقت فإن الاستثمار في قطاع الثروة الحيوانية سيساعد في تأمين الكثير من فرص العمل في الداخل السوري. ويساهم في الحد من البطالة وانتشار الفقر. حيث توجد خبرة كبيرة في تربية المواشي لدى العديد من المواطنين من الممكن أن تسهم في تطوير هذا القطاع من جهة. إضافة إلى توفير المواد الأولية للعديد من الصناعات التي تساهم في التنمية الاقتصادية من جهة أخرى.

في النهاية يُعد القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني من القطاعات المهمة التي يجب التركيز عليها في عملية التنمية المستقبلية. لما لهذا القطاع من أهمية كبيرة في الاقتصاد السوري قبل الأزمة. وهنا لا بد من العمل على تذليل صعوبات الاستثمار وتوفير التمويل اللازم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الاستثمارية في مجال القطاع الحيواني التي ستنعكس إيجابًا على الواقع المعيشي للمواطنين في سوريا.




المنشورات ذات الصلة