الخميس 23 رجب 1446هـ - 23 يناير، 2025

ما أثر قانون قيصر على النظام والسوريين؟

img

الأربعاء, 23 فبراير, 2022

12

في الواقع فرضت الولايات المتحدة الأمريكية قانون “قيصر” أواخر عام 2019. ودخل حيز التنفيذ عام 2020 . وقد طبق القانون في أصعب مراحل الاقتصاد السوري. مع تدنّي الوضع المعيشي والإنساني في مختلف المناطق وتدمير الجهاز الإنتاجي والبنية التحتية. ومن المتوقع أن يفاقم القانون من معاناة السوريين. بالإضافة إلى الضغط على النظام وأدواته بشكل كبير. والسؤال هنا: ما أثر قانون قيصر على النظام والسوريين؟

في الحقيقة نص القانون على أن “تقوم سياسة الولايات المتحدة على ضرورة استغلال كل الطرق الدبلوماسية والاقتصادية الجبرية لإرغام الحكومة السورية على تغيير سياساتها فوراً. ودعم نقل السلطة إلى حكومة في سوريا تحترم سيادة القانون وحقوق الإنسان والتعايش السلمي مع جيرانها”.

ما أهم آثار قانون قيصر على النظام؟

في الحقيقة استهدف قانون قيصر عزل النظام عن العالم. من خلال فرض عقوبات على أي كيان/شخصية تتعامل مع النظام في المسائل التي تُعدّ محل فرض العقوبات. وفي هذا المجال فرضت إجراءات عقابية على 39-75 اسماً وكياناً في عام 2020 في سوريا ولبنان والعراق. تهدف إلى مواجهة كافة طرق التهريب الممكنة للنظام والضغط على حلفائه.

وفي نفس الوقت تم التضييق على واردات البترول البحرية القادمة لسوريا. حيث كشفت وثائق فنسن المسربة عن أن النفط يصل إلى النظام السوري عبر عملية لوجستية معقدة. تتضمن تبديل السفن وإخفاء الوجهة وإدخال وسطاء متعددين. وكانت النتائج واضحة من خلال انتشار أزمات الوقود وزيادة عدد ساعات التقنين الكهربائي في البلاد عام 2020- 2021.

علاوة على ذلك تضغط الحكومة الأمريكية على الحكومة العراقية واللبنانية لإغلاق المعابر الحدودية غير الرسمية. التي تعد بمثابة منقذ للنظام عن طريق الاعتماد على اقتصاد التهريب والسوق السوداء. وفي لبنان وحدها حددت وزارة الداخلية عدد المعابر غير النظامية مع سوريا بـ 114 معبراً.

زيادة على ذلك لقد نشرت صحيفة “الغارديان” تقريراً أشارت فيه إلى أن “قانون قيصر” قد يدمر الاقتصاد السوري المنهار. وحسب موقع دراسة الأزمات الدولية هيكو ويمان فإن القيام بأعمال تجارية مع سوريا سيصبح أكثر صعوبة وخطورة. وبالتالي فإن احتمال أن يُدخل أي شخص أموالاً للاستثمار أو لأعمال تجارية سيتراجع وقد لا يكون ممكناً. وهذا التأثير طويل الأمد هو الأكبر لقانون قيصر على النظام الذي ينتظر إعادة الإعمار لينتعش اقتصادياً.

كيف يؤثر قانون قيصر على إعادة الإعمار؟

في الواقع يركز قانون قيصر بشكل كبير على توقيف عملية إعادة الإعمار قبل الوصول لحل سياسي. حيث استهدف القانون وقف عمليات إعادة الإعمار وتدفق أي أموال محتملة على سبيل الاستثمار في سوريا. وتخفيض الموارد الرئيسية التي يمكن للنظام السوري أن يحصل عليها. إن تأخير عملية إعادة الإعمار ستشكل ضغطاً كبيراً على النظام وتمنع أي محاولات حقيقية للاستثمار ممكنة في ظل وصول خسائر الاقتصاد السوري لـ530 مليار دولار.

وفي الوقت نفسه سعى القانون إلى منع النظام من الاستفادة من التقنيات المتقدمة في مجال الاتصالات والطاقة وأي تقنيات حديثة. كما شجع القانون على تقديم تقارير ووثائق حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا. ودفع باتجاه إفساح المجال للمؤسسات الإنسانية الراغبة بالعمل في مناطق سيطرة النظام السوري بالتحرك بعيداً عن النظام السوري. وقد كانت النتائج حملة ضغط دولية كبيرة وعقوبات على النظام مِن قِبَل العديد من الدول أهمها الاتحاد الأوروبي.

ما أهم آثار قانون قيصر على السوريين؟

مما لا شك فيه أن لقانون قيصر أثراً على النظام السوري وعلى المواطنين السوريين كذلك. حيث إن الاقتصاد السوري يعتمد على الاحتكار المطلق لمجموعة من رجال الأعمال والوسطاء من الحلفاء في ظل شبه انهيار لمؤسسات الدولة. لذلك يعاني الشعب بشكل كبير من هذه العقوبات.

بناء على ذلك كانت الليرة السورية أول المتأثرين من القانون. فقبل تطبيقه بأيام بدأت بالانخفاض ووصلت لحدود 5000 ل. س مقابل الدولار. وهذا الانهيار رافقه تضخم مفرط وارتفاع غير مسبوق بالأسعار. وتشير دراسة البنك الدولي 2020 إلى أن قيمة العملة السورية قد انخفض بأكثر من 80 مرة خلال فترة الأزمة.

كما نتج عن قانون قيصر تدهور قيمة الليرة السورية وارتفاع أسعار المواد الغذائية بمعدل وسطي 3-5 أضعاف بعد فرض القانون. إضافة إلى فقدان المحروقات وارتفاع أسعارها عدة مرات خلال نفس الفترة. فعلى سبيل المثال ارتفع سعر لتر البنزين من 250 ل.س إلى 750 ل.س خلال عام من العقوبات. مما أدى لارتفاع أجور نقل العديد من المواد وأثقل كاهل المواطن السوري بشكل كبير.

بالإضافة إلى ذلك ساهم قانون قيصر في زيادة نسبة الفقراء والمحتاجين في البلاد. فقد ارتفعت نسبة الفقراء في سوريا من 80% في نهاية عام 2018 لتصل إلى 90% عام 2020 بعد فرض القانون. وهذا ما يزيد من معاناة الشعب السوري ويدفعه للاعتماد على المواد المدعومة والمساعدات الإنسانية من المنظمات الدولية.

في النهاية على الرغم من أهمية قانون قيصر وتوقيته المترافق مع الأزمة اللبنانية. إلا أنه لا يمكن إهمال آثاره السلبية الكبيرة على المواطن السوري. وتبقى الأشهر القادمة مهمة في ظهور بوادر استجابة مِن قِبَل النظام لتطبيق شروط رفع العقوبات. أو توجه النظام للوسائل البديلة التي تعتمد على إيجاد شبكات تمويل جديدة تساعد في التهرب وتحجيم القانون أو تعديله.




المنشورات ذات الصلة