تكمن أهمية التمويل في القدرة على تحويل الأفكار الاستثمارية للأفراد والشركات والدول إلى مشاريع حقيقية منفّذة على أرض الواقع. وعادة ما تسعى الشركات والدول لتوفير التمويل اللازم لأي مشروع استثماري قبل اعتماده في خططها بشكل نهائي. والسؤال هنا: ما دور التمويل في نجاح الاستثمار؟

في الواقع تعاني الكثير من الدول والشركات وحتى الأفراد من عدم القدرة على تمويل مشاريعهم. مما يدفعهم إلى البحث عن مصادر مختلفة بهدف الحصول على التمويل المناسب لتنفيذ مشاريعها الاستثمارية. وهذا ما يُخضعهم للضغوط والاستغلال في الكثير من الأحيان وخاصة كلما كان مبلغ التمويل كبيراً.

ما مفهوم كل من التمويل الاستثمار؟

عادةً ما يُنظر للتمويل على أنه القدرة على الحصول على الأموال واستخدامها لتشغيل أو تطوير المشاريع عن طريق استثمارات جديدة. من خلال الحصول على أفضل مصدر تمويل من بين المصادر المتاحة. يحقق أكبر قدر من المنفعة الحالية والمستقبلية للاستثمارات المطروحة. ويتضمن الحصول على القيمة النقدية واستثمارها في عمليات مستقبلية وتعظيم قيمتها من خلال تحليل العائد المتوقع والمخاطر المحيطة.

ويعرف التمويل بأنه: الإمداد بالأموال اللازمة في أوقات الحاجة إليها. بالإضافة إلى توفير الأموال اللازمة للقيام بالمشاريع الاستثمارية والعامة والخاصة في الوقت المناسب.

كما يعرّف الاستثمار بأنه تكوين رأس المال العيني الذي يتمثل في زيادة الطاقة الإنتاجية. أو الطرق التي من خلالها نتمكّن من الحصول على التمويل المناسب للبدء بالمشاريع.

في الواقع عادة ما يقسم التمويل إلى عدة أقسام. منها التمويل المباشر والتمويل غير المباشر. إضافة إلى التمويل المحلي والتمويل الدولي. ويلعب حجم المشروع وملكيته(دولة- شركات- أفراد) دوراً مهماً في تحديد مصادر التمويل اللازمة للاستثمارات (تمويل صغير- متوسط- كبير).

ما أهمية التمويل في الاستثمار؟

في الحقيقة أثرت الأزمة الراهنة بشكل كبير على الاقتصاد السوري. وأدت إلى تدمير شبه كامل لكافة المقومات والقطاعات الاقتصادي. حيث قدرت حجم الخسائر حسب دراسة الأمم المتحدة عام 2020 في سورية 530 مليار دولار أمريكي.

يشكل الاستثمار الخيار الأهم في عملية إعادة الإعمار في سوريا. خصوصاً في ظل عدم قدرة أي من الجهات المسيطرة في سوريا على تمويل استثمارات حقيقية وإعادة الإعمار. فضلاً عن انتشار كبير للفقر والبطالة للسوريين على امتداد الجغرافية السورية. والذي ترافق بعجز في موازنة النظام تجاوز 40% مع حاجة أغلب شركاته العامة لمِنح مالية.

وفي هذا المجال يبقى التمويل الدولي هو الأهم في إعادة الإعمار ودعم الاستثمارات في سوريا. من خلال الاقتراض من الدول أو الهيئات النقدية الدولية مثل صندوق النقد الدولي. فبهذه الطريقة تسعى الحكومات عادة لتأمين التمويل المناسب لنجاح استثماراتها المتوقعة في ظل عدم وجود ثقة بالتمويل المحلي(سندات- سندات الدين العام- أسهم).

وفي نفس الوقت فإن توفير مناخ الاستثمار المناسب سوف يساعد  على جذب رؤوس الأموال للاستثمار في سوريا. وبالتالي تلعب القرارات والوجهة السياسية دوراً مهماً في جذب المستثمرين أو تأمين مؤتمرات المانحين التي تسعى بالنهاية لتأمين التمويل اللازم لإنجاح الاستثمارات.

وفي الوقت نفسه قامت برامج التمكين في الداخل السوري -على سبيل المثال- بتأمين التمويل لعدد من المشاريع المتناهية الصغر. وساهمت في إنجاح هذه الاستثمارات. إلا أن طبيعة التمويل كانت صغيرة ومحدودة من حيث المبالغ وعدد المشاريع. وعلى الرغم من أهمية هذه التجربة إلا أن نتائجها لم تنعكس بالشكل المطلوب على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

تواجه أغلب الدول النامية مشكلة كبيرة في تأمين التمويل المناسب لمشاريعها الاستثمارية التي تسعى من خلالها لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي ظل انتشار جائحة كورونا وظهور بوادر انكماش اقتصادي عالمي أصبح التمويل أكثر صعوبة في العديد من الدول.

تشكل سوريا فرصة استثمارية جاذبة بعد الدمار الكبير الذي لحق بها خلال السنوات العشر السابقة. ويبقى حلفاء النظام غير قادرين على تمويل الاستثمارات الكبيرة لإعادة الإعمار. وفي ظل عدم وجود حل أو اتفاق سياسي ستبقى صعوبة الحصول على التمويل هي عنوان الواقع الاقتصادي لسوريا. وفي ظل عدم التمكن من الحصول على التمويل لن يوجد استثمارات حقيقية في المستقبل.

في النهاية يؤثر توفر التمويل بشكل مباشر على نجاح الاستثمارات في الدول النامية. فكيف إذا كانت الحاجة لمبالغ تمويل ضخمة واستثمارات تتعلق ببناء اقتصاد مهدم بالكامل. فبدون توفر تمويل ضخم لا يوجد استثمارات. ومن الواضح عدم إمكانية إعادة الإعمار إلا بالاعتماد على التمويل الدولي. ومع استمرار النزاع وعدم التوصل لحل سياسي عادل من الصعب تأمين تمويل حقيقي للاستثمارات في سوريا. وستبقى الاستثمارات محدودة ووهمية دون تنفيذها على أرض  الواقع.