الخميس 23 رجب 1446هـ - 23 يناير، 2025

ما تأثير الدعم الروسي والايراني في صمود اقتصاد النظام السوري؟

img

الإثنين, 20 سبتمبر, 2021

4

تحديداً قبل أكثر من عقد من الزمن انطلق الحراك الشعبي في سوريا للمطالبة بالحرية. مما نتج عنه استشهاد أكثر من نصف مليون شخص واعتقال عشرات الآلاف ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد ونزوح ولجوء أكثر من نصف السكان. والسؤال الذي يطرح هنا: كيف استطاع النظام الصمود لعشر سنوات رغم الصعوبات الاقتصادية الكبيرة للبلاد؟ وما تأثير الدعم الروسي والايراني في صمود اقتصاد النظام السوري؟

للإجابة عن هذين السؤالين لا بد من توضيح دور حلفاء النظام والداعمين الأساسيين (روسيا وإيران) لصموده خلال هذه الفترة. على الرغم من أن الوضع الاقتصادي في لبنان قبل أزمته عام 2019 قد ساهم بشكل كبير على صمود النظام الاقتصادي.

كيف ساهم الدعم الإيراني في صمود اقتصاد النظام؟

في الواقع لعب الدور الإيراني دوراً أساسياً وجوهرياً في دعم النظام. لا سيما منذ بدايات الحراك الشعبي من الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية وصموده حتى يومنا الحالي. على الرغم من أن إيران لم تكن شريكاً اقتصادياً كبيراً لسوريا قبل الأزمة الراهنة.

مع ذلك بدأت إيران في تقديم الدعم الاقتصادي والمالي للنظام السوري منذ عام 2011. وقدرت الأمم المتحدة متوسط إنفاق إيران في سوريا بما يقارب من 6 مليارات دولار سنوياً. وفي هذا المجال يمكن القول: إن المساعدات الإيرانية وصلت لحدود 60 مليار دولار خلال الثورة السورية على الأقل.

من جهة أخرى نشر موقع “iranwire” أن أحد أهم نفقات إيران في سوريا هو تسليم النفط والمنتجات النفطية إلى النظام. ويتم ذلك في إطار “حد ائتماني” فتحته إيران لسوريا. والذي يتراوح حسب الموقع من 2 – 3 مليارات دولار في السنة.

في حين حدد وزير الخارجية الإيراني منح حد ائتماني إجمالي يصل إلى 6 مليارات دولار في السنة. وتقدر المواد الغذائية والطبية 2.5 مليار دولار في السنة. كما أكد صندوق النقد الدولي أن الدعم الرسمي الذي قدمته إيران للنظام السوري خلال الأعوام 2011 حتى2015 يُقدر بخمسة مليارات و870 مليون دولار سنوياً.

هل للعقوبات الاقتصادية على إيران تأثير على دعم النظام؟

من جهة أخرى أثرت العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران في دعم الاقتصاد السوري. والتي ترافقت مع قانون قيصر والأزمة اللبنانية في السنتين الأخيرتين. حيث لم يعد هذا الخط الائتماني فاعلاً. وانخفضت صادرات إيران من النفط والغاز والمواد الأساسية. وقد ترافق ذلك مع أزمات كبرى تعصف بالاقتصاد السوري.

بصفة عامة فإن الدعم العسكري والمالي الإيراني للنظام السوري لا يأتي مجانًا. مما يتطلب ضمانات سيادية تضمن حقوقه. لذلك مُنحت إيران مزايا في القطاع الصحي. بالإضافة إلى أدوار في قطاع التعليم وفي مشاريع البنى التحتية. علاوة على تسهيل امتلاك العقارات من خلال ممثلها في سوريا. زيادة على شبه سيطرة على قطاعي المعادن والسيارات.

ما صور الدعم الاقتصادي الروسي خلال الأزمة الراهنة؟

في الوقت نفسه وبعد مرور أكثر من 5 سنوات على التدخل الروسي. ساهمت روسيا بشكل فعال بمنع سقوط النظام. ومكنته من استعادة السيطرة على مساحات واسعة من يد المعارضة. لكن هذا التقدم العسكري لم يكن مجاناً. فروسيا تكبّدت نفقات عسكرية كبيرة لتحقيق ذلك. وبالمقابل لم تحصل على عوائد مالية من النظام الذي يعاني لسنوات من تدهور اقتصادي جعلته عاجزاً عن دفع أي مبالغ لحلفائه.

وقد قدرت مؤسسة البحوث الدولية في لندن وتقرير حزب يابلوكو الروسي المعارض أن معدل النفقات العسكرية الروسية في سوريا يبلغ بين 3 إلى 4 ملايين دولار يومياً. وهذا يعني 5 إلى 8 مليارات دولار منذ تدخلها. معظمها نفقات عسكرية وأمنية.

وفي الإطار الاقتصادي أكدت غرفة التجارة السورية أن موسكو تملك استثمارات في سوريا وصلت قبل عام 2011 إلى 19 مليار دولار. وارتفعت لتصل إلى 20 مليار دولار في عام 2015. كما أن صادرات موسكو إلى سوريا تبلغ 2.1 مليار دولار سنوياً. وهذا يبين أهمية الدور الروسي كحليف استثماري.

على أي حال لم تدعم روسيا النظام اقتصادياً كما فعلت إيران. وقد أكد ذلك المبعوث الروسي في عام 2021 بتصريحه عن عدم قيام روسيا بتأمين الدعم الاقتصادي للنظام.

هل كان دعم حلفاء النظام مجانياً؟

من ناحية أخرى قامت الحكومة الروسية بوضع يدها على أهم الثروات الطبيعية السورية من نفط وغاز وفوسفات. ووقّعت عقوداً طويلة الأجل لاستخراج الطاقة في الساحل والداخل السوري الغني بالموارد الطبيعية. بالإضافة إلى المواقع الطبيعية فقد وضعت روسيا يدها على العديد من المطارات والموانئ وحصلت المبالغ التي دفعتها سلفاً.

في النهاية على الرغم من الدعم الروسي والإيراني لسوريا إلا أن هذا الدعم لم يكن مجانياً. وإنما كان دعماً استراتيجياً مبنياً على استغلال الوضع الاقتصادي السوري السيئ. لذلك وقّعت روسيا وإيران عقود احتكار لأهم القطاعات الاقتصادية في سوريا. وحققت مكاسب اقتصادية وسياسية وجغرافية مستقبلية من الصعب التخلص منها.




المنشورات ذات الصلة