الأربعاء 22 رجب 1446هـ - 22 يناير، 2025

ما صور التنافس الروسي – الإيراني على الموارد الاقتصادية السورية؟

img

الثلاثاء, 7 سبتمبر, 2021

0

قبل كل شيء فإن مشاركة موسكو – طهران في حرب مستمرة لعدة أعوام هو أمر ذو تكلفة عالية. مما دفع كلاً منهما إلى السعي ليجني ثمن تلك الفاتورة الباهظة. بداية من مرحلة إعادة إعمار الداخل السوري والتنقيب عن حقول الغاز وغيرها. وهو ما تسبب في التنازع الروسي الإيراني. والسؤال هنا: ما صور التنافس الروسي – الإيراني على الموارد الاقتصادية السورية؟

ما أبرز مجالات التنازع بين طهران وموسكو ؟

في مجالات الطاقة وقّعت إيران مذكرات تفاهم للحصول على الفوسفات بالقرب من تدمر. وتدخلت روسيا إلى أن منحتها الحكومة السورية عقداً حصرياً لاستخراج وبيع 2 مليون ومائتي طن من الفوسفات سنوياً لمدة 50 سنة من نفس المنجم إلى شركة STG (Stroytransgaz) . وهي شركة روسية خاصة. مع تخصيص 30% من الإيرادات لسوريا. وتعد سوريا هي أضخم استثمار للشركة خارج الحدود الروسية.

أما في مجال النفط فقد قامت روسيا بفرض قوات من الفيلق الخامس على حقل الثورة النفطي جنوب غرب الرقة في الشمال الشرقي لسوريا. وهو حقل يقدر إنتاجه بــ 2000 برميل نفط/ يومياً. وذلك في أعقاب انسحاب ميليشيات فاطميون التابعة للحرس الثوري الإيراني.

من جهة أخرى سيطرت موسكو على حقل توينان للغاز الواقع في منطقة الطبقة بريف الرقة عند الحدود الإدارية لبادية حمص الشمالية الشرقية. ويقدر إنتاجه بــــ 3 ملايين متر مكعب من الغاز النظيف / يوم و60 طن من الغاز المنزلي و2000 برميل من المكثفات.

وفي الوقت نفسه دخلت شركة غازبروم للاستثمار في النفط السوري. وبذلك استحوذت موسكو على موارد النفط والمعادن السورية بعقود إيجارية طويلة الأمد. خاصةً لاحتياطيات الغاز والفوسفات في حمص وخطوط أنابيب النفط والغاز الحالية أو المستقبلية.

من ناحية أخرى فإن المشاريع الإيرانية تعتبر أقل نجاحاً. على الرغم من أن طهران هي المورّد الرئيسي للمنتجات النفطية إلى دمشق. وهو ما تستغله إيران في الحصول على الاستثمارات السورية.

فقد قدمت إيران ثلاثة خطوط ائتمان لاستيراد الوقود والسلع الأخرى. أهم تلك الخطوط في يوليو 2013 بلغت قيمته 3.6 مليار دولار مرتكزاً على بيع النفط والمنتجات البترولية. والخطان الآخران بقيمة مليار دولار لكل منهما. وفي مايو 2020 اقتنصت طهران عقداً لاستخراج النفط على الحدود السورية –العراقية.

وفي الطاقة الحرارية وقّعت سوريا مذكرات تفاهم مع إيران لإعادة تأهيل محطات في حلب واللاذقية وبانياس في سبتمبر 2017 ويناير 2018م. وحصلت مجموعة مبنا الإيرانية على ثلاثة عقود لبناء محطات إنتاج الطاقة في حمص واللاذقية. في الوقت نفسه وقّعت روسيا مذكرة تفاهم لبناء محطات توليد طاقة وتوربينات جديدة بإنتاج إجمالي قدره 2650 ميجاوات في حلب ومحردة ودير الزور.

أما في مجالات الزراعة والإنتاج الحيواني ففي بداية عام 2020م قدمت روسيا 100 ألف طن من القمح إلى سوريا. وأصبحت موسكو المورّد الرئيسي للقمح لسوريا. وارتفعت كميات إمدادات القمح الروسي من 650 ألف طن في عام 2015م إلى 1,2 مليون طن في عام 2017م و1,5 مليون طن في 2018م.

بالإضافة إلى ذلك تعمل موسكو على إنشاء أكبر مركز لصادرات القمح في الشرق الأوسط. وتوصلت موسكو إلى اتفاق مع سوريا على إنشاء مركز لتصدير القمح الروسي إلى دول أخرى في المنطقة. في سبيل ذلك تعمل موسكو على توسيع الموانئ السورية. ومن ثم إنشاء مخازن للحبوب في منطقة الميناء لتخزين كميات كبيرة من القمح الروسي. وسيتم بناء خط سكة حديد وطرق كجزء من هذا المشروع.

بالإضافة إلى ذلك وقّعت موسكو اتفاقيات ترخيص تصدير الزيوت النباتية والأسمدة. وكذلك اتفاقيات لإعادة تأهيل وبناء وإدارة مطاحن الدقيق وصوامع الغلال ومرافق معالجة المياه.

من جهة أخرى تراجعت طهران أمام نفوذ موسكو في القطاع الزراعي. وبالرغم من ذلك فقد عملت على تسويق اللقاحات الحيوانية ومنتجات الدواجن وتوفير العلف الحيواني بأسعار منخفضة لتشجيع قطاع المواشي.

أما في مجال العقارات فيُعد الحصول على الأراضي والعقارات هو أحد أهم استيراتيجيات طهران فى الداخل السوري. فقد اعتمدت على الوسطاء السوريين لشراء العقارات. وأيضاً على جمعيات سورية لتوسيع واكتساب أراضي جديدة. وفي مارس 2019م اتفقت طهران على بناء 200 ألف وحدة سكنية في دمشق وحمص.

في نهاية المطاف فإن حالة التنافس الروسي – الإيراني سيكون الدافع لها على الدوام هو الرغبة في تحصيل فاتورة الحرب. بالإضافة إلى الحفاظ على النفوذ الاقتصادي. ومِن ثَم اتخاذ الساحة السورية منفذاً للشرق الأوسط.




المنشورات ذات الصلة