الأربعاء 22 رجب 1446هـ - 22 يناير، 2025

ما أثر الحرب في سوريا على استنفاد الموارد الطبيعية بها؟

img

الخميس, 2 سبتمبر, 2021

0

لم تتوقف الآثار السلبية للحرب التي يشنها النظام على السوريين الممتدة منذ عشر سنوات على الجوانب الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للسوريين فقط. بل تجاوزت ذلك بآثارها السلبية على البيئة والموارد الطبيعية في البلاد. والسؤال هنا: ما أثر الحرب في سوريا على استنفاد الموارد الطبيعية بها؟

كما أن التأثيرات الناجمة عن الأضرار اللاحقة بالبيئة واستنفاد الموارد الطبيعية خلال الحرب في سوريا ستستمر لوقت طويل بعد انتهاء النزاع. وسوف تنتقل هذه التأثيرات إلى الأجيال اللاحقة. وهنا تكمن الكارثة الكبرى.

ما هي الموارد الطبيعية؟ وما أهميتها؟

في الحقيقة تعرّف الموارد الطبيعية بأنها كل ما تؤمّنه الطبيعة من مخزونات طبيعية يستلزمها بقاء الإنسان أو يستخدمها لبناء حضارته. وتتراجع الموارد الطبيعية نتيجة الاستغلال المفرط أو الإهمال. ومن أهم الموارد الطبيعية مصادر الطاقة. ويأتي على رأسها النفط والمعادن كالفوسفات والحديد الخام.

بصفة عامة تقسم الموارد الطبيعية إلى قسمين. الأول موارد غير متجددة وهي الموارد التي لا يمكن تعويضها في المستقبل القريب في حال استنزافها مثل النفط والغاز. والثاني الموارد الطبيعية المتجددة وهي الموارد التي تتجدد في المستقبل القريب مثل المصادر النباتية والحيوانية. ولكن تؤثر درجة استنزافها على سرعة تجددها.

في الواقع يعرف استنفاد الموارد الطبيعية بأنه الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية بقسميها المتجدد وغير المتجدد بطرق خاطئة تؤدي بالإخلال بالتوازن البيئي. بالإضافة إلى الآثار السلبية للنزاعات الداخلية والحروب والكوارث البيئية التي تؤدي إلى الضرر المباشر بالموارد الطبيعية.

ما أثر الأزمة على الموارد الطبيعية غير المتجددة في سوريا؟

في الوقت الحالي أثرت الأوضاع الراهنة على الموارد الطبيعية غير المتجددة بشكل كبير. فمن جهة قدرت خسائر قطاع النفط السوري حسب بيانات الأمم المتحدة بأكثر من 91 مليار دولار أمريكي خلال العشر سنوات. كما انخفض الإنتاج بشكل متتالٍ خلال سنوات الحرب ليصل إلى 24 ألف برميل بعد عام 2018 وحتى يومنا الحالي.

بالإضافة إلى ذلك يتم استخراج النفط والغاز وتكرير النفط بالطرق البدائية المضرة بالبيئة. علاوة على عقود الاستثمار طويلة الأجل التي سيطر من خلالها الروس على الثروات الباطنية لسوريا. كل العوامل السابقة أدت إلى استنفاد الموارد الطبيعية غير المتجددة. لهذا السبب يوجد شُحّ كبير بالوقود والطاقة في سوريا خلال السنوات الماضية.

كيف أثر ت الأزمة على الموارد الطبيعية المتجددة في سوريا؟

في الواقع كانت تداعيات الأوضاع الراهنة أكبر على الموارد الطبيعية المتجددة في سوريا. ففي مجال تلوث التربة والمياه الجوفية أدّى القصف الهمجي من النظام السوري لتضرر شبكات الصرف الصحي في العديد من المناطق. علاوة على تسرّب المياه المالحة مما أدى لتلوث التربة.

إضافة إلى التلوث الكبير للتربة بالرواسب المتفجرة المسرطنة والمواد الكيميائية التي لا يمكن حصرها. كل العوامل السابقة أدّت إلى استنفاد الغطاء الترابي الصحي الصالح للزارعة. مما سيؤثر على إمكانية إنتاج محاصيل زراعية صحية مستقبلًا.

وفي الوقت نفسه يُعد الغطاء النباتي المتمثل بالغابات والمراعي المتضرر الأكبر. حيث أدت الحرب إلى استنفاد أكثر من 35% من الغطاء الشجري خلال 10 سنوات نتيجة الحرائق المتكررة. بسبب العمليات العسكرية من جهة. إضافة إلى الفقر وتوجّه الأهالي لقطع الأشجار للتدفئة في الشتاء. وتشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة العالمية إلى انخفاض نسبة المساحة المزروعة من القمح والشعير فقط بأكثر من 50% خلال فترة الحرب.

كما أثرت الحرب على الثروة الحيوانية الطبيعية من طيور وحشرات نتيجة الحرائق والقذائف. إضافة إلى تأثيرها على تربية المواشي من أغنام وأبقار لصعوبة التنقل وعدم توفر الأمان وعدم القدرة على الرعي. مما أدى إلى استنفاد كبير في الثروة الحيوانية الطبيعية وقلة الاستثمار في تربية الحيوانات.

في نفس الوقت يُعد التلوث من أهم أضرار الأزمة الراهنة. فقد أدى إهمال النظام إلى تلوث الهواء. حيث تكدست النفايات المنزلية والطبية والصناعية في العديد من مناطق النظام. إضافة إلى انتشار الحرائق والغبار الكثيف نتيجة القصف. كل ذلك ساهم في استنفاد الهواء الصحي في العديد من المناطق خلال فترات من الحرب. مما أثر على المواطنين بسبب استنشاقهم الهواء الملوث.

في النهاية يُعد استنفاد الموارد الطبيعية والآثار البيئية المستقبلية الناتجة عنها من أهم الآثار السلبية على مستقبل السوريين. فاستنفاد الثروات الباطنية من نفط وغاز وفوسفات وكذا الثروات الطبيعية المتجددة من غابات وتربة ومياه سوف يؤثر على مستقبل وحياة السوريين.




المنشورات ذات الصلة